للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معناه أن الوصف المعلل به، يجب أن يكون أمرا ظاهرا، فلا يجوز التعليل بالأوصاف الخفية، لأن الخفي لا يعرف الخفي، ولذلك عللت العدة بالخلوة، لكونها أمرا ظاهرا، دون الوطء، إذ شأنه الخفاء.

ومن شروط الوصف الانضباط … إلا فحكمة بها يناط

وهْي التي من اَجلها الوصف جرى … علة حكم، عند كل من درى

يشترط في الوصف أيضا، أن يكون منضبطا، كالإسكار في الخمر، والاقتيات والادخار في البر - مثلا -.

ولذلك عدل عن تعليل القصر بالمشقة، لعدم انضباطها، إلى السفر، لانضباطه.

وعن تعليل العدة بالوطء، لأن شأنه الخفاء، إلى التعليل بالخلوة، لأنها ظاهرة، وهي مظنة له.

ومن شروطه كذلك أن يكون ضابطا لحكمة، أي: مشتملا عليها، بمعنى أن في ترتب الحكم عليه مصلحة، كالإسكار، ففي ترتيب التحريم عليه، مصلحة حفظ العقول. … والظاهر أن الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى – أراد أول المعنيين، وأنه عقد بهذين البيتين، والشطر الذي قبلهما، قول التاج السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في الجمع في ذكر شروط العلة: " وصفا ظاهرا منضبطا " مع قول القرافي - رحمه الله سبحانه وتعالى - في التنقيح: الوصف إن لم يكن منضبطا جاز التعليل بالحكمة، وفيه خلاف اهـ

وهو غير بين، فإن شأن المظنة الظهور والانضباط، بخلاف الحكمة.

والتعليل بالحكمة حكوا فيه ثلاثة أقوال، وهي:

المنع مطلقا، وهو مذهب الأكثرين، لعدم الاطراد.

والجواز مطلقا، لأنها المقصود، ورجحه الرازي والبيضاوي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ والجواز إن كانت ظاهرة منضبطة بنفسها، وإلا فلا، وهو مختار الآمدي - رحمه الله سبحانه وتعالى -.

والظاهر أن هذا - أعني التعليل بالحكمة إذا انضبطت - هو ما أراد القرافي - رحمه الله سبحانه وتعالى – فسبق قلمه إلى أن الوصف إذا لم ينضبط، يعلل بالحكمة، وإنما أراد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>