قال في النشر: قال في المقدمات: مثال ذلك أن السكر كان موجودا في الخمر، ولم يدل على تحريمها، حتى جعله صاحب الشرع علة في تحريمها، فليست علة على الحقيقة، وإنما هي أمارة على الحكم وعلامة اهـ
والحكم ثابت بها فاتبع
معناه أن حكم الأصل من حيث إنه أصل، ثابت بالعلة، لا بالنص خلافا للحنفية، فالثابت بالنص هو حكم الأصل وحده، وأما أن محله أصل يقاس عليه، فهذا إنما يستفاد من العلة، فبمعرفتها يعرف تعليق الحكم عليها، بحيث إذا وجدت في محل ثبت له الحكم، بخلاف معرفة الحكم مجردا، فمعرفة حرمة الخمر، لا تستلزم معرفة حرمة النبيذ، بخلاف معرفة أن علة حرمة الخمر الإسكار، فإنها تستلزم معرفة حرمة كل مسكر، وإن لم يكن خمرا.
ووصفها بالبعث ما استبينا … منه سوى بعث المكلفينا
الغرض مستحيل في حق الله - سبحانه وتعالى- لأنه يقتضي رجحان ذلك الفعل بالنسبة لصاحب الغرض، وحاجته إليه، وكل ذلك مستحيل في حق الله - سبحانه وتعالى -.
وأشار الناظم - رحمه الله سبحانه وتعالى - إلى ما أجاب به تقي الدين السبكي - رحمه الله سبحانه وتعالى - عن تسمية الفقهاء للعلة باعثا، وذلك في مكتوب له سماه ورد العلل، في فهم العلل، بين فيه أن العلة باعثة على فعل المكلف، ومثال ذلك: حفظ النفوس، فإنه علة باعثة على القصاص، الذي هو المكلف المحكوم به من جهة الشرع، فحكم الشرع لا علة له، ولا باعث عليه، لأنه قادر أن يحفظ النفوس بدون ذلك، وإنما تعلق أمره بحفظ النفوس، وهو مقصود في نفسه، وبالقصاص لكونه وسيلة إليه، فكلا المقصد والوسيلة مقصود للشارع، وأجرى الله - سبحانه وتعالى - العادة أن القصاص سبب للحفظ، فإذا فعل المكلف من السلطان، والقاضي، وولي الدم، القصاص، وانقاد إليه القاتل، امتثالا لأمر الله - سبحانه وتعالى - ووسيلة إلى حفظ النفوس، كان لهم أجران، أجر على القصاص، وأجر على حفظ النفوس، وكلاهما مأمور به من جهة الله ـ سبحانه وتعالى ـ أحدهما بقوله - سبحانه وتعالى جل من قائل:(كتب عليكم القصاص) والثاني