وأما من يجيز توارد دليلين على حكم واحد، وهم الأكثر، فلا يمنع ذلك لتقوية الظن، إلا الغزالي والآمدي - رحمهما الله سبحانه وتعالى -.
وحكم الفرع … ظهوره قبلُ يرى ذا منْع
معناه أنه يشترط في الفرع كذلك، أن لا يكون شرعه سابقا على شرع الأصل، فلا يجوز قياس الوضوء - مثلا - على التيمم في وجوب النية، إذ التعبد بالتيمم إنما كان سنة ست، والتعبد بالوضوء كان في مكة المكرمة، فيلزم ثبوت وجوب النية في الوضوء قبل التعبد بالتيمم بلا دليل، ضرورة أن دليله إنما هو القياس على التيمم، فيلزم التكليف بغير معلوم.
نعم إن ذكر ذلك إلزاما للخصم، لا استدلالا على الحكم، جاز.
قال العطار - رحمه الله سبحانه وتعالى -: هذا المثال - يعني قياس الوضوء على التيمم في وجوب النية - إنما يتم إذا ثبت أن النية في الوضوء تعبد بها قبل التعبد بالنية في التيمم، وإلا فيجوز أن يكون مع التعبد بالوضوء قبل التعبد بالتيمم، قد تعبد بالنية في التيمم، قبل التعبد بالنية في الوضوء فيصح القياس، فتأمل.
الركن الرابع وهو العلة
العلة مشتقة من علة المريض، لأن تأثيرها في الحكم، كأثر العلة في ذات المريض.
وقيل: مشتقة من العَلَل بعد النهل، وهو معاودة الماء للشرب مرة بعد مرة، لأن المجتهد يعاود في استخراجها النظر المرة بعد المرة، وقد يعبر بها عن موجب الفعل، فيقال: فعل كذا، لعلة كذا.
وأما معناها في الاصطلاح ففيه أقوال، أشار الناظم - رحمه الله سبحانه وتعالى - إلى أحدها بقوله:
معرف الحكم بوضع الشارع ..........................
ومعناه أن العلة هي الوصف الذي جعله الشرع علامة على الحكم، إن وجد وجد الحكم.