للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما غير العارف بذلك، فلا يجوز له قولا واحدا، ويشترط جزمه بأنه قد فهم معنى الحديث، وأن عبارته دالة على ذلك المعنى، واكتفى بعضهم بغلبة الظن كما في النشر.

والاستوا في الخفاء والجلا … لدى المجوزين حتما نقلا

أشار به إلى الشرط الثالث، وهو أن يكون اللفظ الذي يؤدي به مساويا للأصل في الجلاء والخفاء، فيبدل اللفظ بمثله في الاحتمال وعدمه، ولا يبدل الأجلى بالجلي، وعكسه، ولا العام بالخاص، ولا المطلق بالمقيد، ولا الأمر بالخبر، ولا العكس، لأن الخطاب تارة يقع بالمحكم، وتارة يقع بالمتشابه، لحكم وأسرار لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فلا يجوز تغييرها عن موضوعها.

ويشترط كذلك أن لا يكون الحديث متعبدا بلفظه، كالأدعية والأذكار.

وأن لا يكون من باب المتشابه، كأحاديث الصفات، للابتلاء بالكف عن طلب المعنى فيه، فكيف يتصور نقله بالمعنى.

وأن لا يكون من جوامع الكلم، نحو: " الخراج بالضمان " (١) و " العجماء جبار" (٢).

وبعضهم منع في القصار … دون التي تطول لاضطرار

معناه أن منهم من جوز الرواية بالمعنى في الأحاديث الطويلة خاصة، كحديث الإسراء، دون القصيرة.

قال في النشر: المراد بالبعض هنا القاضي عبد الوهاب - رحمهما الله سبحانه وتعالى - ووجه الفرق الضرورة مع الطول، كما أشار إليه - رحمه الله سبحانه وتعالى - بقوله: لاضطرار.

وبالمرادف يجوز قطعا … وبعضهم يحكون فيه المنعا

معناه أن منهم من ذكر الاتفاق على الجواز في الأداء بمرادف، كإبدال القعود بالجلوس، والنطق بالتكلم، وهو الإبياري ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ فقد جعل - في شرح البرهان - المسألة على ثلاثة أوجه:


(١) رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد، وهو حديث حسن.
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>