للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثله الترك لما يحرم … من غير قصد ذا، نعم مسلم

النوال ـ بفتح النون ـ: العطاء.

والمعنى أن الواجب الذي لا يتوقف الاعتداد به على النية، كقضاء الديون، ورد الودائع، وأداء الديات، وأروش الجنايات، وغرم المتلفات، لا يثاب فاعله عليه، إلا إذا فعله بنية الامتثال.

وأما الواجب الذي لا يعتد بفعله دون نية، كالوضوء، والصلاة، فيثاب عليه وإن لم يتعرض في نيته للامتثال.

وليس معنى هذا أن شيئا من الأعمال يثاب عليه دون نية الامتثال، كما توهم، بل لا ثواب إلا مع قصد الامتثال " وإنما لامرئ ما نوى " (١) لكن نية العبادة تستلزم الامتثال، لأن الامتثال هو الإتيان بالفعل لأجل أمر الشرع به، وهذا المعنى لا تتعقل القربة دونه، فالفعل الذي لم يبعث عليه أمر الشرع به، لا يصح أن يكون قربة، بالأولى مما وقع فيه شرك.

وقد نقل ابن عرفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في مختصره في الكلام على نيات الوضوء عن أبي عبد الله المازري - رحمه الله سبحانه وتعالى - أنه قال: والثلاثة (٢) متلازمة، ولذا لو أثبت أحدها نافيا الآخر، فسدت انتهى

ولهذا استدل الأئمة كابن يونس - رحمه الله سبحانه وتعالى - في جامعه لوجوب نية رفع الحدث، ونية الصلاة المعينة، بقوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) وقد بينت هذا المعنى في عون المتين، على نظم رسالة القرويين، في الكلام على النية، فى الوضوء، وفي الصلاة.

قوله: ومثله الترك لما يحرم البيت، معناه أن اجتناب المنهيات مطلقا، لا ثواب فيه إلا إذا كان بنية الامتثال، وهو المشار إليه في قوله: من غير قصد ذا.

وقوله: نعم مسلم، أشار به إلى أن السلامة من الإثم في ترك المنهي عنه، لا تتوقف على


(١) متفق عليه.
(٢) يعني الثلاثة التي تكفي نية أحدها في الوضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>