........................ … والفرض والواجب قد توافقا
كالحتم واللازم مكتوب وما … فيه اشتباه للكراهة انتمى
معناه أن الفرض، والواجب، والمحتم، واللازم، والمكتوب مترادفة، للمأمور بفعله أمرا جازما.
وفرق أبو حنيفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بين الفرض والواجب، فالفرض عنده ما ثبت فيه الطلب الجازم بدليل قطعي، والواجب ما ثبت ذلك فيه بدليل ظني.
ويقع في كلام كثير من أصحابنا إطلاق الواجب على المسنون المؤكد، فيقولون في غسل الجمعة، وصلاة العيد ـ مثلا ـ إن ذلك واجب.
ويستعمل البغداديون من أصحابنا في المأمور به أمرا جازما كلمة: مستحق، فيقولون الأمر كذا واجب مستحق، ويستعملون المستحب في المسنون، ويقع ذلك كثيرا في كتاب التفريع لابن الجلاب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.
ويتميز مختصر ابن الجلاب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بأن كل ما فيه من المسائل للإمام مالك ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلا أن يعزوه لغيره (١).
قوله: وما فيه اشتباه للكراهة انتمى، معناه أن المشتبهات المذكورة في حديث الصحيحين " الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات " الحديث، حكمها عند أهل المذهب الكراهة، وهي الأمور المختلف في تحريمها بين أهل العلم، إذا ترجح فيها دليل الإباحة، مع احتمال التحريم.
وأما ما كان مدرك التحريم فيه ضعيفا جدا، فالظاهر أنه من قبيل الحلال البين.
وهذا الحديث يقتضي أن الإجماع حجة، إذ مقتضاه أن ما لم يختلف فيه، حلال بين، أو حرام بين، وقد كنت ذكرت ذلك في مصعد الراقي والله سبحانه وتعالى أعلم.
وليس في الواجب من نَوال … عند انتفاء قصد الامتثال
في ما له النية لا تشترط … وغير ما ذكرته فغلط
(١) نقله ابن ناجي عن ابن عبد السلام ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ في شرحه على الرسالة في أول صلاة السفر.