فيكون الإخبار عنه بخصوص آخر، وهو كونه في الواقع للمدعي، بخلاف الخصوص الأول، فإنه من حيث الدعوى به، فلا يرد الدعوى والإقرار، فإن الأولى إخبار باختصاص المدعى به بالمدعي، والثاني إخبار باختصاص المقر به، بالمقر له، وليس فيه قبل الإقرار جهة خصوص قاله الشربيني - رحمه الله سبحانه وتعالى –.
وأما الرواية فهي الإخبار عن عام، نحو: " الصلاة نور" (١) أو عن خاص لا يقع فيه الترافع، كبشارة العشرة المعروفين من أصحابه صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم بالجنة.
والصحب … تعديلهم كل إليه يصبو
واختار في الملازمين دون من … رآه مرة إمام مؤتمن
قوله: والصحب البيت، معناه أن الصحابة كلهم عدول، فلا يبحث عن عدالتهم في رواية ولا شهادة، حكى ذلك ابن الحاجب - رحمه الله سبحانه وتعالى - عن الأكثرين، قال القاضي - رحمه الله سبحانه وتعالى -: هو قول السلف، وجمهور الخلف، وقال الجويني - رحمه الله سبحانه وتعالى -: بالإجماع، قال السيوطي - رحمه الله سبحانه وتعالى -:
وهم عدول كلهم لا تشتبه … ألنووي: أجمع من يعتد به
وذلك لما ورد من العمومات المقتضية لتعديلهم، وبراءتهم عن المطاعن.
قال الجويني - رحمه الله سبحانه وتعالى -: ولعل السبب في قبولهم من غير بحث عن أحوالهم، أنهم نقلة الشريعة، ولو ثبت التوقف في روايتهم، لانحصرت الشريعة على عصر الرسول - صلى الله تعالى عليه وسلم - ولما استرسلت على سائر الأعصار.
والمعول في حد الصحابي أنه كل من اجتمع بالنبي - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - اجتماعا متعارفا، وهو مؤمن به، ولو حكما، كالصبي المحكوم له بالإسلام، ذكرا كان أو أنثى، وإن لم يرو عنه شيئا، ولم يغز معه، ولم يطل اجتماعه به.
خلافا لمن اشترط الرواية وطول الاجتماع، وخلافالمن اشترط أحدهما، وخلافا لمن اشترط الجهاد معه، أو الاجتماع معه سنة.
وأشار الشيخ - رحمه الله سبحانه وتعالى - بقوله: واختار في الملازمين البيت، إلى ما
(١) رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد.