ومنها أيضا القضاء، فغير الواجب لا قضاء فيه عندنا، كما أشار إليه سيدي خليل ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: ولا يقضى غير فرض إلا هي ـ يعني ركعتي الفجر ـ وهذا أحد أقوال ثلاثة في المذهب، وهو المشهور.
والقولان الآخران: القضاء مطلقا، وعدمه مطلقا.
ومذهب الإمام الشافعي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ قضاء ذوات السبب، وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: كذاك قد وسم بالقضاء.
ومنها التعزير على الترك، فغير الواجب لا لوم على تاركه، وذلك هو قوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: والترك إن جلب للتعزير البيت.
وقوله: للاستقرا، تعليل لكون التعزير علامة على الترك، أي: وإنما كان التعزير على الترك علامة على وجوب الفعل، للاستقراء، فلا يعرف أنه صلى الله تعالى عليه وسلم عزر على غير واجب، ومن التعزير العتاب واللوم، كما هو قول سيدي خليل ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وعزر الإمام لمعصية الله ـ سبحانه وتعالى ـ حبسا، ولوما، وبالإقامة، ونزع العمامة، وضرب بسوط، أو غيره اهـ
ومن علامات الاستحباب عند بعضهم: تمحض الفعل للقربة، كالصلاة، والصوم، والذكر، مع تجرده عن قرائن الوجوب، وسيأتي ذكر الاختلاف فيه في مجهول الحكم الذي أشار إليه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:
وكل ما الصفة فيه تجهل … فللوجوب في الأصح يجعل
وقيل معْ قصد التقرب وإن … فُقِد فهْو بالاباحة قمن
ومعنى أول البيتين، أن فعله ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ الذي لم يعلم حكمه، الأصح حمله على الوجوب في حقه ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ وفي حقنا، لأنه أحوط. … قال في النشر: وهو الذي ذهب إليه الإمام مالك - رحمه الله سبحانه وتعالي- والأبهري، وابن القصار ـ رحمهما سبحانه وتعالى ـ وبعض الشافعية، وأكثر أصحابنا، وبعض الحنفية، وبعض الحنابلة اهـ
ولا فرق على هذا القول بين ما ظهر فيه قصد القربة، وبين غيره، كما اقتضاه قوله: