للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بالوقف، وقيل: لا يكون شرعا لنا مطلقا إلا بدليل خاص.

وإن لم يعرف، فهو ما سيشير إليه رحمه الله سبحانه وتعالى بقوله:

وكل ما الصفة فيه تجهل … ألبيت

وأشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى الأمارات التي يعرف به حكم الفعل، بقوله:

وبالنص يُرى … وبالبيان وامتثال ظهرا

وللوجوب عَلَمُ النداء … كذاك قد وُسم بالقضاء

والترك إن جلب للتعزير … وسْم للاستقرا من البصير

وما تمحض لقصد القرب … عن قيد الايجاب فسيمى الندب

والمعنى أن حكم فعله صلى الله تعالى عليه وسلم يعرف بوجوه:

منها نصه على حكمه، كأن يقول: هذا واجب، أو هذا مستحب، أو هذا مباح، وهذا هو المراد بقوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وبالنص يرى.

ومنها كونه بيانا لمعلوم الحكم مجهول الصفة، فيكون على حكمه، ويعرف كونه بيانا له بقول أو قرينة.

ومنها وقوعه امتثالا لأمر علم الحكم فيه.

وأورد على هذين الوجهين أنه إذا كان الحكم قد عرف بالقول، فما الفائدة من النظر إلى وقوع الفعل بيانا أو امتثالا؟

والجواب في المسألة الأولى: أن الموضوع عدم معرفة المأمور به في القول المبين - بفتح الياء - إذ لو عُرف الحكم، وعُرف المراد، لم يكن فيه إجمال حتى يبينه الفعل، والفرض أن الفعل مبين.

وأما في المسألة الثانية فالجواب عنها أيضا أن موضوعها القول المحتمل لخصوص ذلك الفعل وغيره، فلو لا القرينة الدالة على الارتباط بينهما، لكان الفعل شرعا مستقلا.

ومنها الأذان بالنسبة للصلاة، فقد دل الاستقراء على اختصاصه بالمفروضة، بخلاف ما لا يؤذن لها، كالعيد والاستسقاء، فعدم الأذان يدل على عدم الوجوب إلا لدليل خاص، كما في النافلة المنذورة، وذلك هو قوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وللوحوب علم النداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>