قوله: وهو إلزام البيت، أشار به إلى تعريف التكليف، وهو لغة: من الكلفة: بمعنى المشقة، واصطلاحا معناه عند القاضي على ما نسبه له إمام الحرمين ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ: الأمر بما فيه كلفة، أو النهي عما في الامتناع عنه كلفة، وقال إمام الحرمين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: هو إلزام ما فيه كلفة، ونحوه للقاضي أيضا في التقريب ـ كما في البحرـ قال: والحاصل أنه يتناول الحظر والوجوب قطعا، ولا يتناول الإباحة قطعا إلا عند الأستاذ أبي إسحاق ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وفي تناوله الندب والكراهة خلاف اهـ
والوجه أن إمام الحرمين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ نظر إلى اشتقاقه من الكلفة، ورأى أنه لا مشقة مع الإذن في الترك، قال: فالندب والكراهة لا كلفة فيهما لأنها تنافي التخيير اهـ واكتفى صاحب القول الثاني بحصول الكلفة في المأمور به، ولم يشترط الجزم في الخطاب، وهو أبين.
وهذا أمر أغلبي، كما هو ظاهر، وفي الحديث: أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ قال:" أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قال: " فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر " (١) قوله: لكنه ليس يفيد فرعا، معناه أن الخلاف المذكور لا ينبني عليه حكم أصلا، فهو خلاف لفظي محض، حاصله هل يسمى الخطاب غير الجازم تكليفا أو لا.
قوله: فلا تضق لفقد فرع ذرعا، معناه لا تضجر من عدم انبناء حكم على هذا الخلاف، يقال: ضاق ذرعه، وذراعه بالأمر: إذا ضجر منه، أو لم يطقه، ولم يتحمله، ويقال: فلان واسع الذراع، وأرحب القوم ذراعا، إذا كان ذا طاقة وتحمل.
والحكم ما به يجيء الشرع … وأصل كل ما يضر المنع
قوله: والحكم ما به يجيء الشرع، يعني به أنه لا حكم قبل ورود الشرع، وقد قال سبحانه وتعالى جل من قائل:(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وذهبت المعتزلة إلى