للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيتناوله التعريف الأول، ونصه في المحصول: المراد من كون الدلوك سببا، أنا متى شاهدنا الدلوك، علمنا أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ أمرنا بالصلاة، فلا معنى لهذه السببية إلا الإيجاب.

وإذا قلنا: هذا العقد صحيح، لم نعن به إلا أن الشرع أذن له في الانتفاع به، ولا معنى لذلك إلا الإباحة اهـ

وأجيب بمنع اطراد هذا كما في صحة صلاة الصبي، وندبها، وكما في إسلامه، وبمنع اقتضاء التلازم الاتحاد.

وسيأتي ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ أن الإباحة ليست تكليفا عند غير الأستاذ أبي إسحاق ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وعليه (١) تكون خارجة عن الحكم، وليس كذلك قطعا، فالأولى ـ كما عبر به بعضهم ـ أن يقال: المتعلق بفعل المكلف بالطلب أو الإذن، والله سبحانه وتعالى أعلم.

قد كلف الصبي على الذي اعتمي … بغير ما وجب والمحرم

معناه أن الصبي مكلف عندنا بغير الواجب والمحرم، وهو الندب والكراهة.

أما الندب فلحديث التي أخذت بضبعي صبي لها، وقالت: ألهذا حج يا رسول الله ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ؟ فقال: " نعم، ولك أجر " (٢) ومعلوم أن غير المطلوب لا يقع قربة، فاقتضى ذلك استحبابه في حقه، للإجماع على عدم الوجوب، وحديث رفع القلم عنه حتى يكبر (٣).

وأما الكراهة فلما سيأتي في مباحث الأمر ـ إن شاء الله سبحانه وتعالى ـ من أن الأمر بالشيء، نهي عن ضده الوجودي، على الخلاف في ذلك.

وأما الإباحة، فلما لم يكن مأمورا ولا منهيا في بعض أفعاله، مع توجه الخطاب إليه في الجملة أشبه أن يقال إنه جائز في حقه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهو إلزام الذي يشق … أو طلب فاه بكل خلق


(١) يعني على قولهم: من حيث إنه مكلف به.
(٢) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام أحمد.
(٣) رواه أبو داود والنسائي والدارمي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>