(لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياإلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) وغيرها من عشرات، بل مئات الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، دال على العموم لا يمكن أن يخالف في ذلك، ولا موجب للعموم فيها سوى وقوع النكرة في حيز النفي.
وأما قول سيبويه في اسم لا أخت ليس، وفي غيرها أيضا من النكرات، فهو في نفي النصوصية في العموم، وبيان لجواز قصد الخصوص، كما هو صريح النقل السابق عنه في مسألة زيادة " من ".
وعدم النصوصية، لا ينافي الظهور في العموم، وذلك كالحال في المعرف، فقد يراد به العهد.
قال إمام الحرمين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في البرهان: إذا قال القائل: ما رأيت رجلا، فهذا ظاهر في نفي الرؤية عن جنس الرجال، والتأويل يتطرق إليه، قال سيبويه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: يجوز أن يقول القائل ما رأيت رجلا، وإنما رأيت رجالا، وإذا كان ينتظم الكلام على هذا الوجه، فليس التنكير مع النفي نصا في اقتضاء العموم، غير قابل للتأويل، ووجه تطرق الاحتمال إليه الذي نبهنا عليه.
فإذا قال القائل: ما جاءني من رجل، لم يتجه فيه غير التعميم، فإن من وإن جرت زائدة فهي مؤكدة للتعميم، قاطعة للاحتمال الذي نبهت عليه اهـ