للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتأخرين: هذا كله إذا كان الغير بمعنى النفي أي بلا حق، أما إذا كان بمعناه أي بسبب أمر مغاير للحق أي الباطل فالتقييد مفيد لأن قتلهم النبيين بسبب الباطل وحمايته» (١).

بعرض رأي الإمامين يتضح أن الإمام الألوسي ذكر عدة توجيهات القول الأول فيه أن اللام للعهد متفق مع الإمام الرازي، لكنه ذكر القول الآخر أنها للجنس فلا فرق بين التعريف والتنكير لأن لام الجنس المبهم كالنكرة واستدل بقوله تعالى في سورة آل عمران: {بِغَيْرِ حَقٍّ} ثم ذكر رأيًا ثالثُا قال: إنه هو أوفق بما هو الظاهر، وذكر رأيًا رابع ولكنه اعترض عليه بأنه بعيد.

وقد ذكر علماء المتشابه اللفظي عدة توجيهات لهذه المسألة منها أن اللام للعهد، وأن التنكير للعموم (٢).

٩ - اختلف الإمامان في توجيه الفرق بين إبدال قوله تعالى: {فَلَا تَقْرَبُوهَا} (٣) بقوله تعالى: {فَلَا تَعْتَدُوهَا} (٤).

حيث قال الإمام الرازي: «أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلا تَقْرَبُوها} (٥) ففيه إشكالان الأول: أن قوله تعالى: تلك حدود الله إشارة إلى كل ما تقدم، والأمور المتقدمة بعضها إباحة وبعضها حظر فكيف قال في الكل فلا تقربوها والثاني: أنه تعالى قال في آية أخرى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها} (٦) وقال في آية المواريث: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ} (٧) وقال هاهنا: فلا تقربوها فكيف الجمع بينهما؟ والجواب عن السؤالين من وجوه: الأول: وهو الأحسن والأقوى أن من كان في طاعة الله والعمل بشرائعه فهو متصرف في حيز الحق، فنهي أن يتعداه لأن من تعداه وقع في حيز الضلال، ثم بولغ في ذلك فنهي أن يقرب الحد الذي هو الحاجز بين حيز


(١) روح المعاني (١/ ٢٧٧).
(٢) يُنظر نص المسألة في كتب المتشابه اللفظي: درة التنزيل (١/ ٢٤٦ - ٢٤٩)، ملاك التأويل (١/ ٢١٤ - ٢١٧)، البرهان في توجيه متشابه القرآن (ص: ٢١)، كشف المعاني في المتشابه من المثاني (ص: ٩٩ - ١٠٠، فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن (ص: ٢٩ - ٣٠).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٢٩).
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٦) سورة الْبَقَرَةِ، الآية: (٢٢٩).
(٧) سورة النساء، الآية: (١٤).

<<  <   >  >>