للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث قال الإمام الرازي: «فإن قيل: قال ههنا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (١) ذكر الحق بالألف واللام معرفة، وقال في سورة آل عمران: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (٢) نكرة وكذلك في هذه السورة: {وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (٣) فما الفرق؟ الجواب: الحق معلوم فيما بين المسلمين الذي يوجب القتل، قال عليه السلام: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير حق» (٤)، فالحق المذكور بحرف التعريف إشارة إلى هذا وأما الحق المنكر فالمراد به تأكيد العموم أي لم يكن هناك حق لا هذا الذي يعرفه المسلمون ولا غيره البتة» (٥).

وقال الإمام الألوسي: «وقيد القتل بغير الحق مع أن قتل الأنبياء لا يكون إلا كذلك للإيذان بأن ذلك بغير الحق عندهم إذ لم يكن أحد معتقداً حقية قتل أحد منهم عليهم السلام، وإنما حملهم عليه حب الدنيا، واتباع الهوى والغلو في العصيان، فاللام في الحق على هذا للعهد، وقيل: الأظهر أنها للجنس، والمراد بغير حق أصلاً إذ لام الجنس المبهم كالنكرة، ويؤيده ما في آل عمران: {بِغَيْرِ حَقّ} فيفيد أنه لم يكن حقاً باعتقادهم أيضاً، ويمكن أن يكون فائدة التقييد إظهار معايب صنيعهم فإنه قتل النبي ثم جماعة منهم ثم كونه بغير الحق، وهذا أوفق بما هو الظاهر من كون المنهي القتل بغير الحق في نفس الأمر سواء كان حقاً عند القاتل أو لا إلا أن الاقتصار على القتل بغير الحق عندهم أنسب للتعريض بما هم فيه على ما قيل، والقول: بأنه يمكن أن يقال لو لم يقيد بغير الحق لأفاد أن من خواص النبوة أنه لو قتل أحداً بغير حق لا يقتص، ففائدة التقييد أن يكون النظم مفيداً لما هو الحكم الشرعي بعيد كما لا يخفى، قال بعض


(١) سورة البقرة، الآية: (٦١).
(٢) سورة آل عمران، الآية: (٢١).
(٣) سورة آل عمران، الآية: (١١٢).
(٤) سبق تخريجه (ص: ٤٢).
(٥) التفسير الكبير، (٣/ ١١١).

<<  <   >  >>