للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشفاعة في ذلك اليوم والمعنى أن الشفاعة نافعة في ذلك اليوم لكن ليس لكم، لما أنتم عليه من الكفر.

وبهذا يتبين سر اختصاص كل موضع بما اختص به، وسر تغاير الألفاظ، والله أعلم بالصواب» (١).

٦ - اختلف الإمامان في توجيه تكرار قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} (٢).

حيث قال الإمام الرازي: «ذكروا في فائدة تكرير الأمر بالهبوط وجهين (الأول) قال الجبائي: الهبوط الأول غير الثاني فالأول من الجنة إلى السماء الدنيا، والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض، وهذا ضغيف من وجهين (أحدهما) أنه قال في الهبوط الأول {ولكم في الأرض مستقر} فلو كان الاستقرار في الأرض إنما حصل بالهبوط الثاني لكان ذكر قوله {اهبطوا منها} والضمير في (منها) عائد إلى الجنة، وذلك يقتضي كون الهبوط الثاني من الجنة، (الوجه الثاني) أن التكرير لأجل التأكيد، وعندي فيه وجه ثالث أقوى من هذين الوجهين وهو أن آدم وحواء لما أتيا بالزلة أمرا بالهبوط، فتابا بعد الأمر بالهبوط، ووقع في قلبهما أن الأمر بالهبوط لما كان بسبب الزلة فبعد التوبة وجب ألا يبقى الأمر بالهبوط، فأعاد الله تعالى الأمر بالهبوط مرة ثانية ليعلما أن الأمر بالهبوط ما كان جزاء على ارتكاب الزلة حتى يزول بزوالها، بل الأمر بالهبوط باق بعد التوبة؛ لأن الأمر به كان تحقيقًا للوعد المتقدم في قوله: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (٣) فإن قيل ما جواب الشرط الأول؟ قلنا: الشرط الثاني مع جوابه، كقولك إن جئتني فإن قدرت أحسنت إليك» (٤).

وقال الإمام الألوسي: «{قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا} كرر للتأكيد، فالفصل لكمال الاتصال والفاء في {فَتَلَقَّى} للاعتراض، إذ لا يجوز تقدم المعطوف على التأكيد، وفائدته الإشارة إلى مزيد الاهتمام بشأن التوبة وأنه يجب المبادرة إليها، ولا يمهل فإنه ذنب آخر مع ما في ذلك من


(١) دلالة السياق وأثرها في توجيه المتشابه اللفظي في قصة سيدنا موسى، (ص: ١٨٢ - ١٨٥).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٣٨).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٣٠).
(٤) التفسير الكبير، (٣/ ٢٨).

<<  <   >  >>