للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (١).

حيث قال الإمام الرازي: «السؤال الثاني: أن الله تعالى قدم في هذه الآية قبول الشفاعة على أخذ الفدية وذكر هذه الآية في هذه السورة بعد العشرين والمائة وقدم قبول الفدية على ذكر الشفاعة فما الحكمة فيه؟

الجواب: أن من كان ميله إلى حب المال أشد من ميله إلى علو النفس فإنه يقدم التمسك بالشافعين على إعطاء الفدية ومن كان بالعكس يقدم الفدية على الشفاعة، ففائدة تغيير الترتيب، الإشارة إلى هذين الصنفين» (٢).

وقال الإمام الألوسي: «وقد تفنن في التعبير فجاءت الشفاعة أولاً: بلفظ القبول متقدمة على العدل وهنا: النفع متأخرة عنه، ولعله كما قيل إشارة إلى انتفاء أصل الشيء وانتفاء ما يترتب عليه، وأعطي المقدم وجوداً تقدمه ذكراً، والمتأخر وجوداً تأخره ذكراً، وقيل: إن ما سبق كان للأمر بالقيام بحقوق النعم السابقة، وما هنا لتذكير نعمة بها فضلهم على العالمين وهي نعمة الإيمان ببني زمانهم، وانقيادهم لأحكامه ليغتنموها ويؤمنوا ويكونوا من الفاضلين لا المفضولين وليتقوا بمتابعته عن أهوال القيامة وخوفها كما اتقوا بمتابعة موسى عليه السلام» (٣).

بعرض رأي الإمامين يتضح أنهما اختلفا في توجيه المتشابه، وقد اتفق العلامة الأنصاري مع الإمام الرازي وذكر باقي علماء المتشابه اللفظي توجيهات أخرى (٤).

يقول د/ فهد الشتوي بعد أن عرض رأي الإمام الرازي ورأي الإمام ابن جماعة: «والمُلاحظ أنه على كلا التوجيهين لم يتبين السر في اختصاص كل موضع بما اختص به، وعليه فإن


(١) سورة البقرة، الآية: (١٢٣).
(٢) التفسير الكبير، (٣/ ٥٨).
(٣) روح المعاني، (١/ ٣٧١).
(٤) يُنظر نص المسألة في كتب المتشابه اللفظي: درة التنزيل (١/ ٢٢٦ - ٢٢٩)، ملاك التأويل (١/ ١٩٦ - ١٩٧)، البرهان في توجيه متشابه القرآن (ص: ١٩)، كشف المعاني في المتشابه من المثاني (ص: ٩٤ - ٩٥)، فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن (ص: ٢٤).

<<  <   >  >>