للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشفاعة المؤدية إلى سيقوط الحق وقوة الباطل تكون عظيمة العقاب عند الله سبحانه وتعالى- انتهى.

وما غلظ هذا الزجر إلا للعلم بأن أكثر النفوس ميالة بأصحابها للشفاعة بالباطل. ولما كان الأليق بالرغبة أن لا يقطع في موجبها وإن عظم بالحقية، ليكون ذلك زاجرًا عن مقارفة شيء منها وإن صغر؛ عبر في الحسنة بالنصيب، وفي السيئة بالكفل؛ ويؤيد إرادة هذا أنه تعالى لما ذكر ما يوجب الجنة من الإيمان والتقوى، وكان في سياق الوعظ لأهل الكتاب الذين هم على شرع أصله حق بتشريع رسول من عند الله، فتركهم لذلك بعيد يحتاج إلى زيادة ترغيب؛ عبر بالكفل فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (١) إلى آخرها» (٢).

فالإمام البقاعي ذكر معاني آخرى للكفل، ونقل رأي الإمام الرازي.

يقول ابن القيم: «فلفظ الكفل يُشعر بالحمل الثقيل، ولفظ النصيب يُشعر بالحظ ينصب طالبه في تحصيله» (٣).

وقد قام الباحث/ عدنان عبد القادربذكر المعاني اللغوية المختلفة لمعنى الكفل والنصيب وتوجيه المتشابه على أساسها، فلترجع إليها للمزيد (٤).

٥ - اختلف الإمامان في توجيه الفرق في التقديم والتأخير في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (٥)، وقوله


(١) سورة الحديد، الآية: (٢٨).
(٢) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، أبو الحسن إبراهيم البقاعي، دار الكتاب الإسلامي، (٥/ ٣٤٨ - ٣٥٠).
(٣) روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لشمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية، دار الكتب العلمية، بيروت (ص: ٣٤٥، ٣٤٦).
(٤) الملاك لمعرفة عجائب وأسرار الآيات المتشابهة، عدنان عبد القادر، دار حامل المسك للنشر والتوزيع بالكويت، الطبعة الأولى، (ص: ٣٣ - ٣٥).
(٥) سورة البقرة، الآية: (٤٨).

<<  <   >  >>