للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ] (١) .

يَقُولُونَ: إِنَّهُ خَلَقَ أَفْعَالَ عِبَادِهِ، فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ، وَمِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مَا هُوَ مُضِرٌّ لِبَعْضِ النَّاسِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْأَفْعَالُ (٢) الَّتِي هِيَ ظُلْمٌ مِنْ فَاعِلِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظُلْمًا مِنْ خَالِقِهَا، كَمَا أَنَّهُ إِذَا خَلَقَ فِعْلَ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ صَوْمٌ لَمْ يَكُنْ هُوَ صَائِمًا، وَإِذَا خَلَقَ فِعْلَهُ الَّذِي هُوَ طَوَافٌ لَمْ يَكُنْ هُوَ طَائِفًا، وَإِذَا خَلَقَ فِعْلَهُ الَّذِي هُوَ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ لَمْ يَكُنْ هُوَ رَاكِعًا وَلَا سَاجِدًا (٣) ، وَإِذَا خَلَقَ جُوعَهُ وَعَطَشَهُ لَمْ يَكُنْ جَائِعًا وَلَا عَطْشَانًا؛ فَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ فِي مَحَلٍّ صِفَةً أَوْ فِعْلًا لَمْ يَتَّصِفْ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَلَا ذَلِكَ الْفِعْلِ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاتَّصَفَ بِكُلِّ مَا خَلَقَهُ مِنَ الْأَعْرَاضِ.

وَلَكِنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ زَلَّتْ فِيهِ الْجَهْمِيَّةُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إِلَّا مَا خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ إِلَّا مَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ، فَلَا (٤) يَقُومُ بِهِ عِنْدَهُمْ لَا فِعْلٌ وَلَا قَوْلٌ، وَجَعَلُوا (٥) كَلَامَهُ الَّذِي يُكَلِّمُ (٦) بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَعِبَادَهُ، وَالَّذِي كَلَّمَ بِهِ مُوسَى، وَالَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى عِبَادِهِ، هُوَ مَا خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ.

فَيُقَالُ لَهُمْ (٧) : الصِّفَةُ إِذَا قَامَتْ بِمَحَلٍّ عَادَ حُكْمُهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ


(١) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٢) ن، م: وَمِنْ ذَلِكَ يَقُولُونَ الْأَفْعَالُ. . .
(٣) ن، م: لَمْ يَكُنْ رَاكِعًا وَسَاجِدًا.
(٤) ن، م: وَلَا.
(٥) ن، م: وَجَعَلَ.
(٦) ا: تَكَلَّمَ؛ ب: كَلَّمَ.
(٧) ا، ب: فَقِيلَ لَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>