للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ " فُصُوصِ الْحِكَمِ " وَ " الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ " ; وَلِهَذَا ادَّعَى أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنَ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ، الَّذِي يُوحَى بِهِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَالنَّبِيُّ عِنْدَهُ يَأْخُذُ مِنَ الْمَلَكِ الَّذِي يُوحَى بِهِ إِلَى الرُّسُلِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ عِنْدَهُ يَأْخُذُ مِنَ الْخَيَالَاتِ الَّتِي تَمَثَّلَتْ فِي نَفْسِهِ لَمَّا صُوِّرَتْ لَهُ الْمَعَانِي (١) الْعَقْلِيَّةُ فِي الصُّوَرِ (٢) الْخَيَالِيَّةِ، وَتِلْكَ الصُّوَرُ (٣) عِنْدَهُ هِيَ الْمَلَائِكَةُ، وَهِيَ بِزَعْمِهِ تَأْخُذُ عَنْ عَقْلِهِ الْمُجَرَّدِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ خَيَالًا ; وَلِهَذَا يُفَضِّلُ الْوِلَايَةَ عَلَى النُّبُوَّةِ، وَيَقُولُ:

مَقَامُ النُّبُوَّةِ فِي بَرْزَخٍ فُوَيْقَ الرَّسُولِ وَدُونَ الْوَلِيِّ

وَالْوَلِيُّ عَلَى أَصْلِهِ الْفَاسِدِ يَأْخُذُ عَنِ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ ; لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ عَقْلِهِ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ هُوَ الْأَخْذُ عَنِ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ (٤) ; إِذْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَلَائِكَةٌ مُنْفَصِلَةٌ تَنْزِلُ بِالْوَحْيِ (٥) ، وَالرَّبُّ عِنْدَهُمْ لَيْسَ هُوَ مَوْجُودًا مُبَايِنًا


(١) ن، س: وَالْمَعَانِي.
(٢) س، ب: الصُّورَةِ.
(٣) ب: الصُّورَةُ.
(٤) فِي هَامِشِ (س) أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ كُتِبَ مَا يَلِي: " تَنَبَّهْ لِهَذَا التَّقْرِيرِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقَعُ إِلَّا مِنْ سَحْقَاتِ (لَعَلَّهَا: سَخَافَاتِ) الْعُقُولِ، فَقَدْ قَالَ فِي الْقَصِيدَةِ الْمَشْهُورَةِ: وَمَنْ سَاوَى وَلِيًّا مَعْ نَبِيٍّ: نُكَفِّرْهُ بِذَا الْكَلِمِ اللِّحَابِ فَمَا بَالُكَ إِذَا فَضَّلَ الْوَلِيَّ عَلَى النَّبِيِّ! اهـ. مِنْ هَامِشِ الْأَصْلِ ".
(٥) ن، س، ب: تُنْزِلُ الْوَحْيَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>