للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ، خَطَأٌ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَقَدْ يُرَادُ بِالْمَادَّةِ الْمَادَّةُ الْكُلِّيَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْأَجْسَامِ، وَبِالصُّورَةِ (١) الصُّورَةُ الْكُلِّيَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْأَجْسَامِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ كِلَيْهِمَا جَوْهَرٌ عَقْلِيٌّ، وَهُوَ غَلَطٌ ; فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْأَجْسَامِ أَمْرٌ كُلِّيٌّ، وَالْكُلِّيَّاتُ لَا تُوجَدُ كُلِّيَّاتٍ (٢) إِلَّا فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، وَكُلُّ مَا وُجِدَ فِي الْخَارِجِ فَهُوَ مُمَيَّزٌ بِنَفْسِهِ عَنْ غَيْرِهِ، لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، إِلَّا فِي الذِّهْنِ إِذَا أُخِذَ كُلِّيًّا.

وَالْأَجْسَامُ يَعْرِضُ لَهَا الِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ، وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ، وَهُمَا مِنَ الْأَعْرَاضِ، لَيْسَ الِانْفِصَالُ شَيْئًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ، كَمَا أَنَّ الْحَرَكَةَ لَيْسَتْ شَيْئًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ، غَيْرَ الْجِسْمِ الْمَحْسُوسِ يَرِدُ عَلَيْهِ الِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ، وَيُسَمُّونَهُ الْهَيُولَى وَالْمَادَّةَ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ (٣) .

وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ مَا يَقُولُونَ وَمَا يَقُولُ غَيْرُهُمْ، وَمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، حَتَّى يَعْرِفُوا مَا فِيهِ مِنْ حَقٍّ وَبَاطِلٍ ; فَيَعْلَمُونَ هَلْ هُمْ مُوَافِقُونَ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، أَوْ هُمْ مُخَالِفُونَ لَهُ. وَمَنْ أَرَادَ التَّظَاهُرَ بِالْإِسْلَامِ مِنْهُمْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْعِبَارَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَيُعَبِّرُ عَنِ الْجِسْمِ بِعَالَمِ الْمَلَكِ، وَعَنِ النَّفْسِ بِعَالَمِ الْمَلَكُوتِ، وَعَنِ الْعَقْلِ بِعَالَمِ الْجَبَرُوتِ، أَوْ بِالْعَكْسِ. وَيَقُولُونَ إِنَّ الْعُقُولَ وَالنُّفُوسَ هِيَ الْمَلَائِكَةُ،


(١) ن، م، س: وَالصُّورَةِ.
(٢) ن، م: كَلِمَاتٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٣) انْظُرْ مَثَلًا: كِتَابَ " الصَّفَدِيَّةِ " وَكِتَابَ " دَرْءِ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ " وَكِتَابَ " الرَّدِّ عَلَى الْمَنْطِقِيِّينَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>