للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا هَاشِمٍ هَذَا صَنَّفَ كِتَابًا أُنْكِرَ عَلَيْهِ، لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ أَخُوهُ وَلَا أَهْلُ بَيْتِهِ، وَلَا أَخَذَهُ عَنْ أَبِيهِ.

وَبِكُلِّ حَالٍ الْكِتَابُ الَّذِي نُسِبَ إِلَى الْحَسَنِ يُنَاقِضُ مَا يُنْسَبُ (١) إِلَى أَبِي هَاشِمٍ، وَكِلَاهُمَا قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ (٢) ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَا أَخَذَا هَذَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَيْسَ نِسْبَةُ أَحَدِهِمَا إِلَى مُحَمَّدٍ بِأَوْلَى مِنَ الْآخَرِ ; فَبَطَلَ الْقَطْعُ بِكَوْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا وَبِهَذَا.

بَلِ الْمَقْطُوعُ بِهِ (٣) أَنَّ مُحَمَّدًا، مَعَ بَرَاءَتِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُرْجِئَةِ، فَهُوَ مِنْ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ أَعْظَمُ بَرَاءَةً، وَأَبُوهُ عَلِيٌّ أَعْظَمُ بَرَاءَةً مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ مِنْهُ.

وَأَمَّا الْأَشْعَرِيُّ فَلَا رَيْبَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ تِلْمِيذًا لِأَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ، لَكِنَّهُ


(١) ن، م،: مَا نُسِبَ.
(٢) ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَتِهِ لِلْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي " تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ، ٢، ٣٢٠ - ٣٢١ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْإِرْجَاءِ، ثُمَّ قَالَ: " وَقَالَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَيُّوبَ: أَنَا أَتَبَرَّأُ مِنَ الْإِرْجَاءِ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ وَمَيْسَرَةَ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَلَامَاهُ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي وَضَعَ فِي الْإِرْجَاءِ، فَقَالَ لِزَاذَانَ: يَا أَبَا عَمْرٍو لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مُتُّ وَلَمْ أَكْتُبْهُ " وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ الْحَسَنَ تُوُفِّيَ سَنَةَ ٩٩ أَوْ ١٠٠ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي وَفَاتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِرْجَاءَ الَّذِي تَكَلَّمَ الْحَسَنُ فِيهِ غَيْرُ الْإِرْجَاءِ الَّذِي يَعِيبُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِيمَانِ وَقَالَ: إِنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ فَوَجَدَ أَنَّ الْحَسَنَ يَقُولُ فِيهِ: إِنَّهُ يُرْجِئُ مَنْ كَانَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَنَّهُ يَرَى عَدَمَ الْقَطْعِ عَلَى إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ فِي الْفِتْنَةِ بِكَوْنِهِ مُخْطِئًا أَوْ مُصِيبًا ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْإِرْجَاءُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ ".
(٣) ن، س، ب: عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>