للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «إِنِّي وَاللَّهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ (١) أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ» " (٢) .

وَقَالَ: " «إِنَّ رَبِّي خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا رَسُولًا أَوْ نَبِيًّا مَلِكًا، فَقُلْتُ: بَلْ عَبْدًا رَسُولًا» " (٣) .

وَإِذَا كَانَ هَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ مُلُوكِ الْأَنْبِيَاءِ، فَدَلَالَةُ ذَلِكَ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَنَزَاهَتِهِ عَنِ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ، وَلَوْ تَوَلَّى بَعْدَهُ عَلِيٌّ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَمْ تَحْصُلْ هَذِهِ الْمَصَالِحُ، وَالْإِلْطَافَاتُ (٤) الْعَظِيمَةُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْإِسْلَامَ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ كَانَ أَظْهَرَ وَأَكْثَرَ (٥) مِمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَكَانَ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ أَبْعَدَ عَنِ الْكُفْرِ مِنَ


(١) م: وَإِنَّمَا أُقَاسِمُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(٢) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٢/٢٠٦
(٣) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ١٢/١٤٢ ١٤٣ (رَقْمُ ٧١٦٠) وَنَصُّهُ. . . عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ، قَالَ: أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: " بَلْ عَبْدًا رَسُولًا ". قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَعْلِيقِهِ: " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ "، وَذَكَرَهُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ " الزَّوَائِدِ (٩: ١٨/١٩) وَقَالَ: " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُ الْأَوَّلِينَ رِجَالُ الصَّحِيحِ ". وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَ أَبِي زُرْعَةَ: " وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "، مِمَّا يُظَنُّ مَعَهُ أَنَّهُ شَكَّ فِي وَصْلِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ حَكَى ظَنَّهُ الرَّاجِحَ الْقَرِيبَ إِلَى الْيَقِينِ، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي مِثْلِ هَذَا كَافِيَةٌ، فَإِعْرَاضُ الْهَيْثَمِيِّ عَنْ ذِكْرِ هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَرْوِيٌّ بِالْجَزْمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَأَبِي يَعْلَى أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا ". وَانْظُرْ مَجْمَعَ الزَّوَائِدِ ٩/١٨ \ ٢٠
(٤) م: الْمَصْلَحَةُ وَلَا الطَّاعَاتُ. .
(٥) س، ب: أَكْثَرَ وَأَظْهَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>