للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَعْرِفُوا وَيُحَرِّفُوا، وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً وَدِينًا، وَالْأَسْبَابُ مُتَعَدِّدَةٌ، فَهَذَا الْمَعْلُومُ الْيَقِينِيُّ لَا يَنْدَفِعُ بِأَخْبَارٍ لَا يُعْلَمُ صِحَّتُهَا، فَكَيْفَ إِذَا عُلِمَ كَذِبُهَا؟ وَأَلْفَاظٍ لَا تُعْلَمُ دَلَالَتُهَا، فَكَيْفَ إِذَا عُلِمَ انْتِفَاءُ دَلَالَتِهَا؟ وَمَقَايِيسَ لَا نِظَامَ لَهَا، يُعَارِضُهَا مِنَ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ الثَّابِتِ الْإِسْنَادِ الْمَعْلُومِ الْمَدْلُولِ مَا هُوَ أَقْوَى وَأَوْلَى بِالْحَقِّ، وَأَحْرَى.

وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ الَّذِينَ يَدْفَعُونَ (١) الْحَقَّ الْمَعْلُومَ (٢) يَقِينًا بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ عِلْمًا لَا يَقْبَلُ النَّقِيضَ بِشُبَهٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، هُمْ مِنْ أَعْظَمِ الطَّوَائِفِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمُ الزَّيْغُ (٣) ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ وَيَدَعُونَ الْمُحْكَمَ، كَالنَّصَارَى، وَالْجَهْمِيَّةِ، وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ الَّذِينَ يَدَعُونَ النُّصُوصَ الصَّحِيحَةَ الَّتِي تُوجِبُ الْعِلْمَ، وَيُعَارِضُونَهَا بِشُبَهٍ لَا تُفِيدُ إِلَّا الشَّكَّ، لَوْ تُعْرَضُ (٤) لَمْ تَثْبُتْ، وَهَذَا فِي الْمَنْقُولَاتِ سَفْسَطَةٌ كَالسَّفْسَطَةِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، وَهُوَ الْقَدْحُ فِيمَا عُلِمَ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ بِشُبَهٍ تُعَارِضُ ذَلِكَ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ (٥) الْمُسْتَقِرَّ فِي الْقُلُوبِ بِالشُّبَهِ فَقَدْ سَلَكَ مَسْلَكَ السَّفْسَطَةِ، فَإِنَّ السَّفْسَطَةَ أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا: النَّفْيُ وَالْجَحْدُ وَالتَّكْذِيبُ: إِمَّا بِالْوُجُودِ، وَإِمَّا بِالْعِلْمِ بِهِ.

وَالثَّانِي: الشَّكُّ وَالرَّيْبُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّاأَدْرِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا نَدْرِي، فَلَا يُثْبِتُونَ وَلَا يَنْفُونَ، لَكِنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ نَفَوُا الْعِلْمَ، وَهُوَ نَوْعٌ


(١) يَدْفَعُونَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م)
(٢) ن، م، س: الظَّاهِرَ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب)
(٣) م: زَيْغٌ
(٤) ن، س، ب: لَوْ تَجَرَّدَتْ
(٥) ن، س، ب: النَّفْسِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>