للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْزِلَتِهِمْ، عُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَتَقَدَّمُونَ بِبُنُوَّةِ الْأَبِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الِابْنَ لَمَّا كَانَ أَوْلَى مِنَ الْجَدِّ كَانَ ابْنُهُ [- ابْنُ الِابْنِ -] (١) بِمَنْزِلَتِهِ؟

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَدَّةَ كَالْأُمِّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَدُّ كَالْأَبِ، وَلِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ الْقَوْلَانِ، وَلَكِنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي التَّفْصِيلِ (٢) اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا.

وَجُمْهُورُ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ، كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ فِي الْجَدِّ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْضِي بِهِ، وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابَ، فَهُوَ قَوْلٌ لِعُمَرَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ قَوْلٌ لِعُمَرَ.

وَإِنَّمَا نَفَذَ قَوْلُ زَيْدٍ فِي النَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ قَاضِيَ عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ يُنْفِذُ قَضَاءَهُ (٣) فِي الْجَدِّ لِوَرَعِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا صَارَ جَدًّا تَوَرَّعَ (٤) وَفَوَّضَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِزَيْدٍ.

وَقَوْلُ الْقَائِلِ: " إِنَّهُ قَضَى فِي الْجَدِّ بِمِائَةِ قَضِيَّةٍ ".

إِنَّ صَحَّ هَذَا، لَمْ يَرِدْ بِهِ أَنَّهُ قَضَى فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ بِمِائَةِ قَوْلٍ؛ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَيْسَ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ نِزَاعٌ أَكْثَرُ مِمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْخَرْقَاءِ


(١) ابْنُ الِابْنِ: فِي (ح) ، (ر) فَقَطْ.
(٢) ح، ب، ي: التَّفْضِيلُ.
(٣) ن، م: قَضَايَاهُ.
(٤) م، ر، ي: تَوَزَّعَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>