فَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ فِي تَرْكِ قَتْلِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ، فَعُذْرُ أَبِي بَكْرٍ فِي تَرْكِ قَتْلِ قَاتِلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ أَقْوَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَكْرٍ عُذْرٌ فِي ذَلِكَ فَعَلِيٌّ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ قَتْلِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ.
وَأَمَّا مَا تَفْعَلُهُ الرَّافِضَةُ مِنَ الْإِنْكَارِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الصَّغِيرَةِ، وَتَرْكِ إِنْكَارِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا عَلَى عَلِيٍّ ; فَهَذَا مِنْ فَرْطِ جَهْلِهِمْ وَتَنَاقُضِهِمْ.
وَكَذَلِكَ إِنْكَارُهُمْ عَلَى عُثْمَانَ كَوْنَهُ لَمْ يَقْتُلْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِالْهُرْمُزَانِ، هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ (١) .
وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: عَلِيٌّ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ قَتْلِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ ; لِأَنَّ شُرُوطَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تُوجَدْ: إِمَّا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِأَعْيَانِ الْقَتَلَةِ، وَإِمَّا لِعَجْزِهِ عَنِ الْقَوْمِ لِكَوْنِهِمْ ذَوِي شَوْكَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قِيلَ: فَشُرُوطُ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تُوجَدْ فِي قَتْلِ قَاتِلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، وَقَتْلِ قَاتِلِ الْهُرْمُزَانِ ; لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ فِي ذَلِكَ. وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ.
(١) انْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي " الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ " ص ١٠٦ - ١٠٨ (ط. السَّلَفِيَّةِ ١٣٧١) بِتَحْقِيقِ أُسْتَاذِي مُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيبِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْثُ قَالَ: " وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ عَنْ قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْهُرْمُزَانِ، فَإِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْعَلْ فَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ، وَالْأَمْرُ فِي أَوَّلِهِ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْهُرْمُزَانَ سَعَى فِي قَتْلِ عُمَرَ، وَحَمَلَ الْخِنْجَرَ وَظَهَرَ تَحْتَ ثِيَابِهِ، وَكَانَ قَتْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ لَهُ وَعُثْمَانُ لَمْ يَلِ بَعْدُ، وَلَعَلَّ عُثْمَانَ كَانَ لَا يَرَى عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ حَقًّا لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ حَالِ الْهُرْمُزَانِ وَفِعْلِهِ. . "، وَانْظُرْ تَعْلِيقَاتِ الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ وَمَا نَقَلَهُ عَنِ الطَّبَرِيِّ مِنْ خَبَرِ الْقَمَاذَبَانِ بْنِ الْهُرْمُزَانِ الَّذِي قَالَ إِنَّ عُثْمَانَ مَكَّنَهُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَالَ لَهُ: " يَا بُنَيَّ هَذَا قَاتِلُ أَبِيكَ، وَأَنْتَ أَوْلَى بِهِ مِنَّا، فَاذْهَبْ فَاقْتُلْهُ "، وَكَيْفَ عَفَا عَنْهُ الْقَمَاذَبَانُ. . إِلَخْ، وَانْظُرْ أَيْضًا " الْعَوَاصِمَ مَنِ الْقَوَاصِمِ " ص ١٤٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute