للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْإِرَادَةِ، فَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَضَمَّنَ حُبُّهُ إِيَّاهُ، إِرَادَةً لِبَعْضِ مُتَعَلِّقَاتِهِ.

وَلِهَذَا كَانَ خَلْقُهُ تَعَالَى لِمَخْلُوقَاتِهِ لِحِكْمَةٍ (١) ، وَالْحِكْمَةُ مُرَادَةٌ مَحْبُوبَةٌ. فَهُوَ خَلَقَ مَا خَلَقَ لِمُرَادٍ مَحْبُوبٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ يُحِبُّ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيُرِيدُ الْإِحْسَانَ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ يُحِبُّونَهُ فَيُرِيدُونَ عِبَادَتَهُ (٢) [وَطَاعَتَهُ] .

وَ [قَدْ ثَبَتَ] فِي الصَّحِيحَيْنِ (٣) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» " (٤) وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَهُوَ يَجِدُ فِي قَلْبِهِ لِلرَّسُولِ مِنَ الْمَحَبَّةِ مَا لَا يَجِدُ (٥) لِغَيْرِهِ، حَتَّى أَنَّهُ إِذَا سَمِعَ مَحْبُوبًا لَهُ - مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَصْدِقَائِهِ (٦) - يَسُبُّ الرَّسُولَ، هَانَ عَلَيْهِ عَدَاوَتُهُ وَمُهَاجَرَتُهُ، بَلْ وَقَتْلُهُ لِحُبِّ الرَّسُولِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا.

قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: ٢٢] ، [بَلْ قَدْ] .


(١) ح، ر، ي، ب: بِحِكْمَةٍ، وَ: بِحِكْمَتِهِ.
(٢) ن، م: وَيُرِيدُونَ عِبَادَتَهُ (وَسَقَطَتْ: وَطَاعَتَهُ) .
(٣) ن، م: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ.
(٤) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٢/٤٤٧
(٥) مَا لَا يَجِدُ: كَذَا فِي (ر) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: مَا لَا يُوجَدُ.
(٦) ب (فَقَطْ) : أَوْ أَصْدِقَائِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>