للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُحِبُّونَ آلِهَتَهُمْ مَحَبَّةً قَوِيَّةً، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٩٣] ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: [إِنَّهُ] (١) لِمَا يَظُنُّونَهُ فِيهِمْ مِنْ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ الشَّيْءَ يُحَبُّ لِهَذَا وَلِهَذَا، وَلَكِنْ إِذَا ظُنَّ فِيهِ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ (٢) أَشَدَّ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ نَفْعِهِ.

وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: " «أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي» " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ (٣) ; فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُحَبَّ لِذَاتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ وَاجِبَةً لِإِحْسَانِهِ.

وَقَوْلُ الْقَائِلِ: الْمَحَبَّةُ لِلْإِحْسَانِ مَحَبَّةُ الْعَامَّةِ، وَتِلْكَ مَحَبَّةُ الْخَاصَّةِ - لَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلْ كُلُّ مُؤْمِنٍ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ لِذَاتِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ. وَمَنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا. وَمَنْ قَالَ: إِنِّي لَا أَجِدُ (٤) هَذِهِ الْمَحَبَّةَ فِي قَلْبِي لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي هَذَا الْخَبَرِ، فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا، فَإِنَّ أَبَا جَهْلٍ وَأَبَا لَهَبٍ


(١) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٢) ن، م: الْمَحَبَّةُ.
(٣) الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٣/٣٢٩ (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ بَابُ مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ". وَالْحَدِيثُ فِي: الْمُسْتَدْرَكِ ٣/١٤٩ - ١٥٠ (كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، بَابُ وَمِنْ مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَقَالَ الْحَاكِمُ: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: " صَحِيحٌ ". وَضَعَّفَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَزِيَادَتِهِ " ١/٩٨
(٤) ن: لَأَجِدُ، وَهُوَ خَطَأٌ، ر: لَا ثُمَّ أَجِدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>