للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ لَكَانَ خَلِيفَةُ وَقْتِنَا أَحَقَّ بِاللَّعْنِ ; فَإِنَّهُ يَفْعَلُ أُمُورًا مُنْكَرَةً أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَهُ يَزِيدُ ; فَإِنَّ هَذَا يَفْعَلُ كَذَا وَيَفْعَلُ كَذَا. وَجَعَلَ يُعَدِّدُ مَظَالِمَ (١) الْخَلِيفَةِ، حَتَّى قَالَ لَهُ: ادْعُ لِي يَا شَيْخُ، وَذَهَبَ (٢) .

وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ بِأَهْلِ الْحَرَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَلَعُوهُ وَأَخْرَجُوا نُوَّابَهُ وَعَشِيرَتَهُ (٣) ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يَطْلُبُ الطَّاعَةَ، فَامْتَنَعُوا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ، وَأَمَرَهُ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُبِيحَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ [أَيَّامٍ] (٤) . وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَظُمَ إِنْكَارُ النَّاسِ لَهُ مِنْ فِعْلِ يَزِيدَ. وَلِهَذَا قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَتَكْتُبُ الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ؟ قَالَ: لَا وَلَا كَرَامَةَ. أَوَلَيْسَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ؟ .

لَكِنْ لَمْ يَقْتُلْ جَمِيعَ الْأَشْرَافِ، وَلَا بَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى عَشَرَةَ آلَافٍ،


(١) ن، م، و: خَطَايَا.
(٢) ذَكَرَ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ فِي " الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ ١/٣٥٦ عِنْدَ تَرْجَمَتِهِ لِعَبْدِ الْمُغِيثِ الْحَرْبِيِّ ١/٣٥٤ - ٣٥٨، وَهُوَ أَبُو الْعِزِّ عَبْدُ الْمُغِيثِ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ عَلَوِيٍّ الْحَرْبِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ ٥٠٠ تَقْرِيبًا وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ٥٨٣ وَذَكَرَ ابْنُ رَجَبٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُغِيثِ كَانَ يَمْنَعُ مِنْ سَبِّ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَلَّفَ كِتَابًا فِي ذَلِكَ رَدًّا عَلَى ابْنِ الْجَوْزِيِّ الَّذِي كَانَ يَطْعَنُ عَلَيْهِ فَأَلَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كِتَابًا فِي الرَّدِّ عَلَى عَبْدِ الْمُغِيثِ هُوَ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ ابْنُ تَيْمِيَةَ وَعُنْوَانُهُ " الرَّدُّ عَلَى الْمُتَعَصِّبِ الْعَنِيدِ الْمَانِعِ مِنْ ذَمِّ يَزِيدَ " وَانْظُرْ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الْمُغِيثِ الْحَرْبِيِّ: فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ ٤/٢٧٥ - ٢٧٦ ; وَالْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ ١٢/٣٢٨ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ " وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي فَضْلِ يَزِيدَ أَتَى فِيهِ بِالْغَرَائِبِ وَالْعَجَائِبِ " ; الْأَعْلَامَ ٤/٣٠٠ وَأَمَّا كِتَابُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَتْ تِلْمِيذَتِي الدُّكْتُورَة آمِنَة مُحَمَّد نُصَيْر فِي رِسَالَتِهَا لِلْمَاجِسْتِيرِ " ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَآرَاءَهُ الْكَلَامِيَّةَ وَالْأَخْلَاقِيَّةَ " ص [٠ - ٩] ٥ أَنَّ مِنْهُ عِدَّةَ نُسَخٍ خَطِّيَّةٍ فِي بَرْلِينَ وَبَغْدَادَ وَلِيدِنْ بِهُولَنْدَا.
(٣) و: وَعِتْرَتَهُ.
(٤) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: كَذَا فِي (أ) ، (ب) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: ثَلَاثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>