للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَاقِيَهَا، وَشَارِبَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا» " (١) .

وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي لَعْنَةِ الْفَاسِقِ الْمُعَيَّنِ. فَقِيلَ: إِنَّهُ جَائِزٌ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، كَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ (٢) لَعْنِ الْمُعَيَّنِ، كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ، وَأَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [سُورَةُ هُودٍ: ١٨] وَقَدْ ثَبَتَ فِي [صَحِيحِ] الْبُخَارِيِّ (٣) «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُدْعَى حِمَارًا (٤) ، وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَكَانَ يُؤْتَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَضْرِبُهُ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ مَرَّةً، فَقَالَ رَجُلٌ: لَعَنَهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا تَلْعَنْهُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» " (٥) .

فَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لَعْنَةِ هَذَا الْمُعَيَّنِ الَّذِي كَانَ يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي اللَّفْظِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٣/٤٤٥ ٤٤٦ (كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ، بَابُ الْعِنَبِ يُعْصَرُ لِلْخَمْرِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ ٤/٣٢١٣٢٢، ٨/٨٩. وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " ٥/١٩، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: إِنَّهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(٢) أ، ب، و: وَكَرَاهِيَةُ.
(٣) ن، م: فِي الْبُخَارِيِّ.
(٤) ب (فَقَطْ) : خِمَارًا.
(٥) سَبَقَ الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ (ص [٠ - ٩] ٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>