أَنِّي أَعْتَقْت وَلِيدَتِي؟ قَالَ: «أَوْ فَعَلْت» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا إنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتَهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَفِي الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَبَرُّعِ الْمَرْأَةِ بِدُونِ إذْنِ زَوْجِهَا، وَأَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ.
٣٣٦٩- وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ وَعَتَاقٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ، هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ قَالَ: «أَسْلَمْت عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اُحْتُجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَمَتَى نَفَذَ فَلَهُ وَلاؤُهُ بِالْخَيْرِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وأحاديث الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْقُرَبِ الْمُوجِبَةِ لِلسَّلامَةِ مِنْ النَّارِ، وَأَنَّ عِتْقَ الذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الأُنْثَى.
قَوْلُهُ: «أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» أَيْ اغْتِبَاطُهُمْ بِهَا أَشَدُّ، فَإِنَّ عِتْقَ مِثْلِ ذَلِكَ مَا يَقَعُ غَالِبًا إلا خَالِصًا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} .
قَوْلُهُ: «أَسْلَمْت عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْكَافِرُ حَالَ كُفْرِهِ مِنْ الْقُرَبِ يُكْتَبُ لَهُ إذَا أَسْلَمَ فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصًا لِحَدِيثِ: «الإِسْلامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَجَبُّ ذُنُوبِ الْكَافِرِ بِالإِسْلامِ أَيْضًا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُحْسِنَ فِي الإِسْلامِ لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلامِ أُوخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ» . وَحَدِيثُ حَكِيمٍ الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ الْكَافِرِ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَصِلَةُ الرَّحِمِ.
بَابُ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً
٣٣٧٠- عَنْ سَفِينَةَ - أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ: أَعْتَقَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ وَشَرَطَتْ عَلَيَّ أَنْ أَخْدُمَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَا عَاشَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute