للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرَفَة وَطُلُوعِهِ يَوْمَ الْعِيد لأنَّ لَفْظِ اللَّيْل والنَّهَار مُطْلَقَان. وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ الْحَدِيث بِأَنَّ الْمُرَاد بِالنَّهَار مَا بَعْدَ الزَّوَالِ بِدَلِيل أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - والْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين بَعْدَهُ لَمْ يَقِفُوا إِلا بَعْدَ الزَّوَال وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ وَقَفَ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا الْفِعْلَ مُقَيَّدًا لِذَلِكَ الْمطلق وَلا يُخْفَى مَا فِيهِ.

قَوْلُهُ: «وَقَضَى تَفَثَهُ» قِيلَ الْمُرَاد بِهِ أَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِن الْمَنَاسِكَ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ التفَثَ مَا يَصْنَعَهُ الْمُحْرِمْ عِنْدَ حِلِّهِ مِنْ تَقْصِيرِ شَعْرٍ أَوْ حَلْقِهِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الإِبِطِ وَغَيْرِهِ مِنْ خِصَالِ الْفِطْرَةِ وَيُدْخِلُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ نَحْرِ الْبُدُنِ وَقَضَاءِ جَمِيعِ الْمَنَاسِكْ لأَنَّهُ لا يَقْضِي التفَثَ إِلا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَصْلُ التفَثَ: الْوَسَخَ وَالْقَذَرَ.

قَوْلُهُ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» أَي الْحَجُّ الصَّحِيحُ حِجُّ مَنْ أَدْرَكَ يَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِي: وَالْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَن بن يعمر عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقَفْ بِعَرَفَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلا يُجْزِئْ عَنْهُ إِنْ جَاءَ بَعْدُ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِل وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِي وَأَحْمَدْ وَغَيْرُهُمَا.

قَوْلُهُ: «مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ» أَيْ لَيْلَةَ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلَفَةْ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الْوُقُوف فِي جُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَةَ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ فِي هَذَا الْوَقْتُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُور.

قَوْلُهُ: «أَيَّامُ مِنَى» مَرْفُوعُ عَلَى الابتداء وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: «ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» وَهِيَ الأَيَّامِ الْمَعْدُودَات وَأَيَّامُ التَّشْرِيق وَأَيَّامُ رَمْيِ الْجِمَار وَهِيَ الثَّلاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَيْسَ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا لإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ النَّفر يَوْم ثَانِي النَّحْرُ.

قَوْلُهُ: «نَحَرْتُ هَا هُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» يَعْنِي كُلَّ بُقْعَةٍ مِنْهَا يَصِحُّ النَّحْرُ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لََكِنَّ الأَفْضَلُ النَّحْرَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي نَحَرَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْحَرُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِد مِنَى كَذَا قَال ابن التِّين وَحَدَّ مِنَى مِنْ وَادِي محسر إِلَى الْعَقَبَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>