وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ.
٢١٣٢- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
٢١٣٣- وَفِي لَفْظٍ: «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
٢١٣٤- وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيَّ أَنَّهُ قَالَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَا إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
٢١٣٥- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ وَالْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ إبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
٢١٣٦- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتْ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ» . ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ. وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً.
قَوْلُهُ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» .
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ الْقَائِلُونَ بِفِطْرِ الْحَاجِمِ وَالْمَحْجُومِ. قَالَ: وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ لَا تُفْسِدُ ... الصَّوْمَ. وَأَجَابُوا عَنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: مَعْنَى «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» أَيْ تَعَرَّضَا لِلْإِفْطَارِ، أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ وُصُولُ شَيْءٍ مِنْ الدَّمِ إلَى جَوْفِهِ عِنْدَ الْمَصِّ، وَمَا الْمَحْجُومُ فَأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِنْ ضَعْفِ قُوَّتِهِ بِخُرُوجِ الدَّمِ، فَيَئُولُ أَمْرُهُ إلَى أَنْ يُفْطِرَ. قَالَ الشَّارِحُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ مَكْرُوهَةٌ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَضْعُفُ بِهَا وَتَزْدَادُ الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَ الضَّعْفُ يَبْلُغُ إلَى حَدٍّ يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِفْطَارِ، وَلَا تُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَا يَضْعَفُ بِهَا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تَجَنُّبُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ أَوْلَى، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» عَلَى الْمَجَازِ لِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ الصَّارِفَةِ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ. انْتَهَى.
قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute