حَسَنٌ، وَلا يُعْرَفُ لأبِي خِزَامَةَ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ.
٤٨٠١- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرِقُّونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» .
٤٨٠٢- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ أَتَتْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: «إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَك» . فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، وَقَالَتْ: إنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ أَنْ لا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ كُلِّهَا إثْبَاتُ الأسْبَابِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لا يُنَافِي التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ لِمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا بِإِذْنِ اللهِ وَبِتَقْدِيرِهِ وَأَنَّهَا لا تَنْجَعُ بِذَوَاتِهَا بَلْ بِمَا قَدَّرَهُ اللهُ فِيهَا، وَأَنَّ الدَّوَاءَ قَدْ يَنْقَلِبُ دَاءً إذَا قَدَّرَ اللهُ ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ حَيْثُ قَالَ " بِإِذْنِ اللهِ " فَمَدَارُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى تَقْدِيرِ اللهِ وَإِرَادَتِهِ، وَالتَّدَاوِي لا يُنَافِي التَّوَكُّلَ كَمَا لا يُنَافِيهِ دَفْعُ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ بِالأكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَذَلِكَ تَجَنُّبُ الْمُهْلِكَاتِ وَالدُّعَاءُ بِالْعَافِيَةِ وَدَفْعُ الْمَضَارِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: جَمِيعُ الرُّقَى جَائِزَةٌ إذَا كَانَتْ بِكِتَابِ اللهِ أَوْ بِذِكْرِهِ، وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا إذَا كَانَتْ بِاللُّغَةِ الْعَجَمِيَّةِ أَوْ بِمَا لا يُدْرَى مَعْنَاهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كُفْرٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَدْحُ فِي تَرْكِ الرُّقَى الْمُرَادِ بِهَا الرُّقَى الَّتِي هِيَ مِنْ كَلامِ الْكُفَّارِ، وَالرُّقَى الْمَجْهُولَةِ وَاَلَّتِي بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَمَا لا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ فَهَذِهِ مَذْمُومَةٌ لاحْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَاهَا كُفْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ أَوْ مَكْرُوهٌ. وَأَمَّا الرُّقَى بِآيَاتِ الْقُرْآنِ وَبِالأذْكَارِ الْمَعْرُوفَةِ فَلا نَهْيَ فِيهِ بَلْ هُوَ سُنَّةٌ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (فَقَالَتْ إنِّي أُصْرَعُ) الصَّرَعُ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ - عِلَّةٌ تَمْنَعُ الأعْضَاءَ الرَّئِيسِيَّةَ عَنْ اسْتِعْمَالِهَا مَنْعًا غَيْرَ تَامٍّ. وَسَبَبُهُ رِيحٌ غَلِيظَةٌ تَنْحَبِسُ فِي مَنَافِذِ
الدِّمَاغِ، أَوْ بُخَارٌ رَدِيءٌ يَرْتَفِعُ إلَيْهِ مِنْ بَعْضِ الأعْضَاءِ. وَقَدْ يَتْبَعُهُ تَشَنُّجٌ فِي الأعْضَاءِ، وَيَقْذِفُ الْمَصْرُوعُ بِالزَّبَدِ لِغِلَظِ الرُّطُوبَةِ. وَقَدْ يَكُونُ الصَّرَعُ مِنْ الْجِنِّ وَيَقَعُ مِنْ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ مِنْهُمْ، إمَّا لاسْتِحْسَانِ بَعْضِ الصُّوَرِ الإِنْسِيَّةِ، وَإِمَّا لإِيقَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute