رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّفْضِيلِ فِي ذَوِي الْقُرْبَى وَغَيْرِهِمْ وَتَرْكِ تَخْمِيسِ الْفَيْءِ، وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ ذُو رَحِمٍ لِبَعْضِ الْغَانِمِينَ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ) .
٢٤٧٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ إنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، وَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِهِ وَاحْتَرَثْتِهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فَقَالَا فِي الْهَدِيَّةِ الَّتِي مَاتَ مَنْ أُهْدِيَتْ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا إنْ كَانَ حَامِلُهَا رَسُولَ الْمُهْدِي رَجَعَتْ إلَيْهِ،.
وَإِنْ كَانَ حَامِلُهَا رَسُولَ الْمُهْدَى إلَيْهِ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْمُهْدَى إلَيْهِ إلَّا بِأَنْ يَقْبِضَهَا هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيُّهُمَا مَاتَ فَهِيَ لِوَرَثَةِ الْمُهْدَى لَهُ إذَا قَبَضَهَا الرَّسُولُ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَقَوْلُ مَالِكٍ كَقَوْلِ الْحَسَنِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ تَفْصِيلًا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْهَدِيَّةُ قَدْ انْفَصَلَتْ أَمْ لَا مَصِيرًا مِنْهُ إلَى أَنَّ قَبْضَ الرَّسُولِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُهْدَى إلَيْهِ وَحَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَحَسَّنَ صَاحِبُ الْفَتْحِ إسْنَادَهُ قَوْلُهُ: (وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلَّا قَدْ مَاتَ) قَدْ سَبَقَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ أَصْحَابَهُ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ عَلَى جِهَةِ الْجَزْمِ، وَصَلَّى هُوَ وَهُمْ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ رُفِعَ لَهُ نَعْشُهُ حَتَّى شَاهَدَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُخَالِفُ مَا وَقَعَ مِنْ تَظَنُّنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ
حَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ نَحْوَهُ قَوْلُهُ: (بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ مُرْسَلًا أَنَّهُ كَانَ مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَنَّهُ أَرْسَلَ بِهِ الْعَلَاءُ الْحَضْرَمِيُّ مِنْ خَرَاجِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ: وَهُوَ أَوَّلُ خَرَاجٍ حُمِلَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إلَيْهِمْ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ» الْحَدِيثَ. فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْآتِي بِالْمَالِ، لَكِنْ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ لِلْوَاقِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ بِالْمَالِ هُوَ الْعَلَاءُ بْنُ حَارِثَةَ الثَّقَفِيُّ، فَلَعَلَّهُ كَانَ رَفِيقَ أَبِي عُبَيْدَةَ
وَأَمَّا حَدِيثُ «جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ» وَفِيهِ «فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» الْحَدِيثَ، فَهُوَ صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ فِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَالَ خَرَاجٍ أَوْ جِزْيَةٍ، فَكَانَ يَقْدَمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَوْلُهُ: (اُنْثُرُوهُ) أَيْ: صُبُّوهُ قَوْلُهُ: (وَفَادَيْت عَقِيلًا) أَيْ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ أُسِرَ مَعَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَيُقَالُ إنَّهُ أُسِرَ مَعَهُمَا الْحَارِثُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَّ الْعَبَّاسَ افْتَدَاهُ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَحَثَا بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ، وَالضَّمِيرُ فِي ثَوْبِهِ يَعُودُ عَلَى الْعَبَّاسِ قَوْلُهُ: (يُقِلُّهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ الْإِقْلَالِ: وَهُوَ الرَّفْعُ وَالْحَمْلُ
قَوْلُهُ: (مُرْ بَعْضَهُمْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَفِي رِوَايَةٍ " اُؤْمُرْ " بِالْهَمْزِ قَوْلُهُ: (يَرْفَعْهُ) بِالْجَزْمِ؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ: أَيْ فَهُوَ يَرْفَعُهُ، وَالْكَاهِلُ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ قَوْلُهُ: (يُتْبِعُهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ الْإِتْبَاعِ قَوْلُهُ: (وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ: أَيْ: هُنَاكَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ كَرَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَدَمِ الْتِفَاتِهِ إلَى الْمَالِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَأَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ مَالَ الْمَصَالِحِ فِي مُسْتَحِقِّيهَا، وَأَنَّهُ يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute