الْخِنْزِيرِ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي» رَوَاهُ أَحْمَدُ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ تَحْرِيمِ الْقِمَارِ وَاللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ]
حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَوَّلُ رِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى الثَّانِي قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخِطْمِيَّ قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَهُ، وَأَوْرَدَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَسَكَتَ عَنْهُ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: فِيهِ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخِطْمِيَّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ) فِي الْأَمْرِ لِمَنْ حَلَفَ بِاَلْلَاتِ وَالْعُزَّى أَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَفَرَ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَوْلُهُ: (فَلْيَتَصَدَّقْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمُقَامَرَةِ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَأْمُورَ بِهَا كَفَّارَةٌ عَنْ الذَّنْبِ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَقَامَرَهُ مُقَامَرَةً وَقِمَارًا فَقَمَرَهُ كَنَصَرَهُ وَتَقَمَّرَهُ رَاهَنَهُ فَغَلَبَهُ وَهُوَ التَّقَامُرُ ا. هـ، فَالْمُرَادُ بِالْقِمَارِ الْمَذْكُورِ هُنَا الْمَيْسِرُ وَنَحْوُهُ مِمَّا كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْعَرَبُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: ٩١] وَكُلُّ مَا لَا يَخْلُو اللَّاعِبُ فِيهِ مِنْ غَنَمٍ أَوْ غُرْمٍ فَهُوَ مَيْسِرٌ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقُرْآنُ بِوُجُوبِ اجْتِنَابِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] الْآيَةَ، وَقَدْ صَرَّحَتْ بِتَحْرِيمِهِ السُّنَّةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا. قَوْلُهُ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: النَّرْدَشِيرُ هُوَ النَّرْدُ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَشِيرُ مَعْنَاهُ حُلْوٌ، وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ: هُوَ خَشَبَةٌ قَصِيرَةٌ ذَاتُ فُصُوصٍ يُلْعَبُ بِهَا. وَقِيلَ إنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ الِاسْمِ لِأَنَّ وَاضِعَهُ أَرْدَشِيرُ بْنُ بَابِكَ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: يُكْرَهُ وَلَا يُحَرَّمُ. قِيلَ: وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ وَضْعَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْفَلَكِ بِصُورَةِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَتَأْثِيرَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تَحْدُثُ عِنْدَ اقْتِرَانَاتِ أَوْضَاعِهِ لِيَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَقْضِيَةَ الْأُمُورِ كُلِّهَا مُقَدَّرَةٌ بِقَضَاءِ اللَّهِ لَيْسَ لِلْكَسْبِ فِيهَا مَدْخَلٌ، وَلِهَذَا يَنْتَظِرُ اللَّاعِبُ بِهِ مَا يُقْضَى لَهُ بِهِ وَالتَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ " فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ. . . إلَخْ " فِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّحْرِيمِ لِأَنَّ التَّلَوُّثَ بِالنَّجَاسَاتِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ. وَقَوْلُهُ: " فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " تَصْرِيحٌ بِمَا يُفِيدُ التَّحْرِيمَ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَعِبَ بِالْكِعَابِ) هِيَ فُصُوصُ النَّرْدِ، وَقَدْ كَرِهَهَا عَامَّةُ الصَّحَابَةِ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهَا ابْنُ مُغَفَّلٍ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ عَلَى غَيْرِ قِمَارٍ. وَاخْتُلِفَ فِي الشِّطْرَنْجِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: مَذْهَبُنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: هُوَ حَرَامٌ، قَالَ مَالِكٌ: هُوَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ وَأَلْهَى. وَرَوَى ابْنُ كَثِيرٍ فِي إرْشَادِهِ أَنَّ أَوَّلَ ظُهُورِ الشِّطْرَنْجِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَضَعَهُ رَجُلٌ هِنْدِيٌّ يُقَالُ لَهُ: صَصَّةُ قَالَ: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute