للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرب من ناحية باب النخل متخلخلاً ففتحوا الحرب من هنالك فقاتلهم أهل المدينة قتالاً شديداً فقتل من أهل المدينة نحو من أربعة عشر إنساناً بالنشاب وقتل من الأشراف فارس واحد كان قد نزل عن فرسه وقاتل رجَّالاً حتى وصل إلى اسفل الدرب وأراد أن يطلع الدرب قهراً فواجهه رجل من العوارين يقال له دهيس فتطاعنا مليّاً فأصابت الشريف طعنة كان فيها اجله وقتل جماعة من رَجْلهم ورجعوا إلى محطتهم في البستان الشرقي ولم يكن بعد ذلك اليوم قتال ولم يزالوا في محطتهم والأبواب مغلقة إلى يوم الثاني والعشين من الشهر المذكور. ثم استمروا راجعين إلى الشام فكانت إقامتهم بالكدراءِ. ولما ارتفعت المحطة عن زبيد وصل الطواشي أمين الدين أهيف في عسكر جيد من الباب السلطاني فتخوف منه أعوارين وأغلقوا أبواب المدينة فوقف في البستان السلطاني خارج المدينة فاشتد خوف العوارين منه وتواترت الإمداد إلى الطواشي. فكان العوارين يحرسون الأبواب حراسة شديدة والطواشي يظهر لهم انه لا حاجة له في دخوله المدينة وإنما وقوفه لانتظار باقي العسكر. ثم يتقدم إلى الجهات الشامية في العساكر كلها ثم طلب مشايخ العوارين وحلفهم على حفظ المدينة وكساهم كسوة جيدة وأوجدهم انه متوجه إلى الشام وان السلطان لم يأْذن له في الدخول إلا عند رجوعه من الشام فآمنوا وما آمِنوا. ولم يزل الطواشي يرقب غفلات العوارين عن حراسة الباب حتى اطمأَنوا وملوا من طول الحراسة. فلما كان يوم الأربعاء الثالث من شهر رجب أشعر الطواشي على العسكر أن يكونوا على أُهبة. وجاءته عيونه فأخبروه أن الباب مفتوح وليس هنالك أحد من العوارين. فأَمر جماعة من الخيل فساقوا إلى الباب فملكوه فأمر الطواشي أن يسقط أحد المصرعين من الباب الأول وكذلك من الباب الثاني فاسقط وصرخ الصارخ في المدينة فما وصل أول العوارين إلا وقد دخل العسكر فركب الطواشي حينئذٍ واستنهض باقي العسكر من الخيل والرجل ووقف هو خارج المدينة وأمر العسكر بالدخول ولم يزل واقفاً موضعه حتى أتى بعدة رؤوس من القتلى. ثم دخل وأمر جماعة من العسكر يدورون حول المدينة يتلقون الهارب فكان يوماً عظيماً ونهبت

<<  <  ج: ص:  >  >>