الناس إلا وأقل من نصفهم بل من ثلثهم وتأَخر كثير من الناس ولم يحضر القاضي ولا الخطيب وغاب كثير من الأعيان فتأهب الناس لصلاة الظهر فقام الفقيه أبو بكر الوصابي المعروف بالمكي فصعد المنبر وخطب خطبة مختصرة ولم يذكر السلطان فيها فبكي كثير من الناس بكاءً شديداً حتى كانوا كأَن بين أيديهم ميتاً. ثم نزل وصلى بالناس فلما انقضت الصلاة خرج الناس بأجمعهم إلى موضع شرقيّ الجامع يقال له المبرك وأرسلوا للعوارين فوصل جماعة منهم فقال لهم الحاضرون يا مشايخ ما هذه الأفعال التي فعلتموها في البلاد قتلتم نائب السلطان ونهبتم غلمانه ونهبتم المدينة ما عرفنا ما مرادكم أن كان غرضكم أن تسلطنوا واحداً منكم فقولوا لنا وإن كان عزمكم على دخول الأشراف فانصحونا وان كانت البلاد بلاد السلطان عرفتم الناس بما أنتم فاعلوه فمن أحب الوقوف في البلاد وقف ومن أحب الخروج عنها خرج فعرفونا عزمكم الذي قد عزمتم عليه فقالوا والله يا فقهاء ما نحن إلا عبيد السلطان وغلمانه لو يقصنا بالمقص ما رضينا بأحد غيره فقال لهم الحاضرون إنا نخشى أن يأتي غيركم من أصحابكم ويقول غير هذا القول قالوا والله يا فقهاء ما أحد يقدر أن يقول غير هذا القول أبداً ولو كنا نريد الأشراف كنا قد فتحنا لهم الأبواب ولكن والله يا فقهاء ما نقدن إلا من قدمتم ولا نؤَخر إلا من أَخرتم وما أشرتم به علينا قبلناه. قالوا فتقدموا إلى عند الأمير سيف الدين الخراساني فانه عبد السلطان وأولى من حفظ بلاده ولا تتهمه في شيءٍ فتقدموا بأجمعهم إليه ودخلوا عليه وقالوا من حفظ بلاده ولا نتهمه في شيءٍ فتقدموا بأجمعهم إليه ودخلوا عليه وقالوا يا مولانا أنت عبد السلطان وغلامه وهذه بلاد السلطان فاحفظها ونحن نقاتل بين يديك ولا يتخلَّفُ أحد منا عن القتال. فقال الأمير سيف الدين وأنا انفق عليكم وعلى كافة الناس ذهباً وفضة. فصاح الصائح بالأمان وبذمة السلطان على كافة الناس فظهر حينئذ من العسكر أناس كانوا مختفين في المدينة نحواً من مائة وثلاثين فارساً من عسكر السلطان واجتمع من الرجْل شيء كثير.
ولما أصبح صبح يوم السبت السادس عشر من الشهر المذكور ولم يظهر من أهل المدينة على الأشراف علم ركب الأشراف بأجمعهم وداروا حول المدينة فوجدوا