للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا النهج يجعلنا أكثر قدرة على مواجهة المستجدات والمعضلات في أمر هذه الحياة التي أصبح التغير والتلون فيها هائلًا سريعًا في هذا العصر.

كما أن متابعة هذا النهج يلقم حجرًا أولئك الذين يزعمون أن الشريعة الإسلامية لا تسع الحياة، ولذلك اتجهوا إلى الأخذ من القوانين الغربية، إن الضيق الذي وجدوه في بعض الأحيان سببه الاقتصار على مذهب دون غيره، ولو جعل فقه الأئمة مجالًا للأخذ والنظر لما وجد هذا الإشكال.

٥ - ومن ثمار هذا المنهج الذي يقوم على إطلاق العقول من عقالها تربية الملكة الفقهية التي تتمرس بأقوال أهل العلم من مختلف المذاهب، وتتعرف إلى مناهج الاجتهاد، وكيف استدل العلماء بالنصوص على الأحكام، وكيف استخلص العلماء الأحكام من الأدلة، وهذا هو النهج الذي تربى الأئمة عليه، فتفتحت عقولهم، ونمت مداركهم، وتعمقت لديهم الملكة العلمية التي تفقه وتستوعب، وتحلل المسائل، وتحكم في ضوء النصوص.

٦ - وأخيرًا فإن هذا النهج يحيي دراسة النصوص من الكتاب والسنة والعمل بها، من غير إهدار لجهود الأئمة، بل يجعل فقه الأئمة جهودًا لفقه النصوص، لا نصوصًا تزاحم النصوص.

وفي ختام هذه الخاتمة أود التنبيه إلى أنني لا أقصد بما أدعو إليه في هذه الخاتمة إلى جعل كل الآراء الفقهية في مختلف المذاهب على حد سواء، فالاختيار من الأقوال والمذاهب محكوم بالدليل، فالقول الأقوى والأصح ما قوي دليله، أما التخير من الأقوال بمجرد الترجيح الشخصي فإنه مرفوض، وقد تحدثنا عن هذا فيما مضى من بحثنا هذا (١)، والله أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين.


(١) وقد أطلت الكلام على هذه المسألة في كتابنا تاريخ الفقه الإسلامي: ص ٢١٦، وبينت هناك خطأ الذين ظنوا أن الآراء في المذاهب الفقهية بمثابة النصوص الشرعية يجوز لهم الانتقاء والاختيار منها عن غير نظر في الدليل، ولا معرفة الراجح المفتى به.

<<  <   >  >>