للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التابعيَّ بعد الرجلُ فيه مخيّر" (١).

٥ - وقال: "من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال" (٢).

بعد أن سقنا هذه النصوص عن الأئمة نتساءَل فنقول: هل الذين يزعمون أنهم على مذهب الأئمة يتبعون الأئمة أم هم مخالفون لهم؟ والجواب واضح: فالذي يتبع شخصا يسمع له ويطيع، وهؤلاء لو كانوا متابعين للأئمة لأخذوا بما أمروهم به من تقديم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - على قولهم، يقول أبو شامة رحمه الله: "التعصب للإمام على الحقيقة إنما هو امتثال أمره في ذلك، وسلوك طريقته في قبول الأخبار، والبحث عنها، والتفقه فيها (٣).

واستدل على الذين يزعمون أنهم مقلدون للشافعي بأنهم خالفوا منهجه، وأغلب المقلدين كذلك، فالشافعي رحمه الله لا يجيز الاحتجاج بالضعيف، بل لا يجيز الاحتجاج بالمرسل إلا بشروط، وهؤلاء الذين يزعمون تقليد الشافعي تراهم يوردون الأحاديث محتجين بها من غير إسناد أصلا.

ولذلك جزم أبو شامة بأنَّ: "الذين يظهرون التعصب لأقوال الشافعي (بل المتعصب لأقوال أي إمام) كيفما كانت، وإن جاءَت سنة بخلافها ليسوا متعصبين في الحقيقة؛ لأنهم لم يمتثلوا ما أمر به إمامهم، بل رأيهم وديدنهم، إذا ورد عليهم الحديث الصحيح الذي هو مذهب إمامهم، والذي لو وقف عليه لقال به أن يحتالوا فى دفعه بما لا ينفعهم، لما نقل لهم عن إمامهم من قول قد أمر بتركه عند وجدان ما يخالفه من السنة، هذا مع كونهم عاصين بذلك لمخالفتهم ظاهر كتاب الله وسنة رسوله، والعجب أن منهم من يستجيز مخالفة نص الشافعي لنص له آخر في مسألة أخرى بخلافه، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أذن لهم الشافعي في هذا" (٤).


(١) إعلام الموقعين: ٢/ ١٨٣.
(٢) إعلام الموقعين: ٢/ ١٨٣.
(٣) مختصر كتاب المؤمل، مجموعة الرسائل المنيرية: ٣/ ٣١.
(٤) مختصر كتاب المؤمل، مجموعة الرسائل المنيرية: ٣/ ٣٢.

<<  <   >  >>