للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَأْوِيلُهُ} (١)، أي: سارعوا إلى التكذيب قبل أن يأتيهم البيان، وذلك بسبب فرطهم في السفاهة والعناد، وقد أدرك هذا أبو هريرة -رضي الله عنه- حين قال: «حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم» (٢)، أراد بالوعاء الذي لم يبثه ما يكون من الفتن التي أخبر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لشناعتها وغرابتها على الناس فإنه لو بثها فيهم لكذبوه ولربما لقتلوه، ومن ذلك ما وقع من قتل عمر -رضي الله عنه-، وفتنة عثمان وقتله -رضي الله عنه-، وما كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وغير ذلك كثير إلى قيام الساعة.

قوله: «وَلَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ أَهْلَهُ فَتَأْثَمَ» المراد لا تحبس ما لديك من العلم عن طالبه؛ لأن ذلك حق لطالب العلم على العالم، وقد ورد في الصحيح لغيرة «من كتم علما يعلمه، جاء يوم القيامة، ملجما بلجام

من نار» (٣).

قوله: «وَلَا تَضَعْهُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ فَتُجَهَّلَ».

المراد لا تحدث أحدا لا تراه ذا عقل ورغبة، فغير العاقل يجهلك فيما تقول، وسيأتي عند الدارمي عن الأعمش: " آفة العلم النسيان، وإضاعته، أن تحدث به غير أهله" لأنه من إضاعة الوقت عند قوم لا ينتفعون به، فكأنه من الهدر، لا تحدث من لا ينصت لك.

قوله: «إِنَّ عَلَيْكَ فِي عِلْمِكَ حَقًّا، كَمَا أَنَّ عَلَيْكَ فِي مَالِكَ حَقًّا».

المراد العمل به ونشره فيمن يرغب فيه ويسعى إليه، وهو الشيء الذي يزيد ويتسع

بالإنفاق منه.

أما المال فالحق الواجب فيه الزكاة فيما يحول عليه الحول، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما نقص مال عبد من صدقة» (٤)، والمراد بالصدقة العموم الزكاة المفروضة والنافلة.

قال الدارمي رحمه الله تعالى:


(١) من الآية (٣٩) من سورة يونس.
(٢) البخاري حديث (١٢٠).
(٣) أحمد حديث (١٠٤٨٧).
(٤) الترمذي حديث (٢٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>