للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المراد بنظرة منك تعرف بها النافع من الضار، واختر الجلوس مع أهل العلم الذاكرين الله -عز وجل-، فإن كنت من أهل العلم نفعك علمك بما تشارك وتقول، وإن تكن جاهلا تتعلم الخير منهم، قال واقد الليثي -رضي الله عنه-: " إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأما أحدهما: فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث: فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال": «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه» (١). قوله: «وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِرَحْمَةٍ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ».

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده» (٢).

قوله: «وَإِذَا رَأَيْتَ قَوْماً لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فَلَا تَجْلِسْ مَعَهُمْ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكُنْ عَالِماً لَا يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ، وَإِنْ تَكُنْ جَاهِلاً زَادُوكَ غَيًّا».

المراد أنهم غير أهل لينتفعوا بعلمه ويقبلوا قوله، فليس إلا الجهالة، قال الله -عز وجل-: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (٣)، ولولا أنهم من الجهال لم يخوضوا في آيات الله -عز وجل-.

قوله: «وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِمْ بِعَذَابٍ فَيُصِيبَكَ مَعَهُمْ».

ومن دواعي العذاب الافتراء على الله -عز وجل- ولذلك أنذر موسى -عليه السلام- فرعون وقومه فقال: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} (٤)، فقد يقع من الجهال ما يستدعي ذلك.


(١) البخاري حديث (٩٦) ومسلم حديث (٢١٧٦).
(٢) مسلم حديث (٢٧٠٠).
(٣) الآية (٦٨) من سورة الأنعام.
(٤) من الآية (٦١) من سورة طه.

<<  <  ج: ص:  >  >>