للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تعالى، أرسله إلى الناس كافة، وفيه رد على الغالين في شخصه -صلى الله عليه وسلم-، فهو بشر كغيره من الناس، وليس في هذا معارضة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأسقى " (١)، وذلك في الصيام لمّا واصل، بادر الصحابة إلى صوم الوصال، فبين لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه مخصوص من ربه بمزيد العناية، منها هذه، وانفراده عنهم بصفة الوحي إليه، وكمال في البنية والقوة، وخصائصه معروفة دوّنها العلماء ومنها: كتاب الخصائص للنسائي، وكل ذلك لا ينافي كونه بشرا، وقد أمره الله -عز وجل- أن يؤكد ذلك للناس فقال: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٢)، ولذلك نهى عن المبالغة بالثناء عليه -صلى الله عليه وسلم- إلى حد يخرجه عن كونه بشرا، فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله» (٣)، والإطراء هو الإفراط في المدح ومجاوزة الحد فيه، وهو المدح بالباطل والكذب فيه، وأي باطل وكذب أعظم من زعْم النصارى أن عيسى ابن الله، وأنه إلاه؟!!، ومن يجاوز الحد في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويصفه بما ليس فيه، ويعطه ما لم يعطه الله، فقد عصى الله وكذب عليه، ومن كان كذلك فالرسول خصمه، لمخالفته أمر الله -عز وجل-، وفي نفس الأمر هو عاص لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن زعم محبته، والله -عز وجل- خصمه لمخالفته أمر رسوله، كمن كذب


(١) البخاري حديث (١٨٢٢).
(٢) الآية (١١٠) من سورة الكهف، وانظر الآية (٦) من سورة فصلت.
(٣) البخاري حديث (٣٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>