للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيه مواساة لعائشة رضي الله عنها، فكأنه يعني أن ما يؤلمها يؤلمه -صلى الله عليه وسلم- لشدة حبه لها، فإنه لما سئل من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة (١)، ولما بدأ به المرض قالت عائشة رضي الله عنها: لما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه استأذن نساءه، وقال: «إني قد ثقلت، فأريد أن أطوف بينكم، فأذن لي أن أكون في بيت امرأة منكن» قالت عائشة: فكنت أول من أذن له، فقالت سودة: وكانت تضحكه أحيانا، قد علمنا أنك تريد بيت عائشة، فقال: «نعم فاحملوني» فحمله القوم، فغشي عليه حين حملوه فذهبت أهرول أو أكاد أن أهرول حتى ألقيت له فراشا حشوه ليف، ووضعه القوم عليه عرضا حتى غشي عليه، فلما أفاق قال: «أقيمت الصلاة؟» قالوا: لا، قال: «فمروا بلالا فليقم الصلاة ومروا أبا بكر فليصل بالناس» (٢)، فمرض في بيت عائشة، وتوفي -صلى الله عليه وسلم- بين سحرها ونحرها (٣).

قوله: «وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك؟». هذه مداعبة منه -صلى الله عليه وسلم- لعائشة رضي الله عنها، فذكر لها ما فيه خير وبركة أن قدر الله -عز وجل- أن تموت من ذلك الصداع، فتلمسها يد خير خلق الله -صلى الله عليه وسلم- فيغسلها، ويكفنها، ويصلي عليها، فصلاته -صلى الله عليه وسلم- ليست كصلاة غيره، فلم ترد برفض ذلك بل داعبت حبيبها كما داعبها فقالت: «لكأني بك والله لو فعلت ذلك لرجعت إلى بيتي فعرّست فيه ببعض نسائك».


(١) الترمذي حديث (٣٨٨٦).
(٢) ابن بشران حديث (٨٩٩).
(٣) انظر البخاري حديث (١٣٨٩) ومسلم حديث (٢٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>