الِاسْتِقْلَالُ حِينَئِذٍ فَإِنْ قُلْت عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْعِتْقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا إذَا جَعَلَ لَهُ الْمَالِكُ ذَلِكَ قُلْت بَلْ هُمَا مُخْتَلِفَانِ عَلَى مَا ذَكَرْته؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْأُولَى يُعْتِقَانِهِ بَعْدَ جَعْلِهِ لَهُمَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الرَّسُولَيْنِ فَلَا يُعْتِقَانِهِ حَتَّى يُبَلِّغَاهُ وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ أَيْ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا وَيُعْتِقَانِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ فَلَا يُعْتِقَانِهِ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِمَا إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَعْنَى الرِّسَالَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ز فَمُغَايَرَةُ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ظَاهِرَةٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَلِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا عِتْقُهُ فِيمَا إذَا كَانَا رَسُولَيْنِ حَيْثُ جَعَلَ لَهُمَا ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عِتْقُهُ إلَّا إذَا جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِهِ
(ص) وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ أَوْ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا مِنْ عِتْقٍ وَلَا مِنْ طَلَاقٍ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا لَا فِي الدَّاخِلَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ إنْ اجْتَمَعْتُمَا فِي الدُّخُولِ وَلَا فِي الْأُخْرَى لِعَدَمِ دُخُولِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ إنْ دَخَلْت أَنْتِ فَجَمَعَ فِي اللَّفْظِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا وَعَلَى هَذَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعراف: ٢٢] وَلَمْ تَبْدُ سَوْأَةُ حَوَّاءَ حِينَ أَكَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ آدَم اهـ. فَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ فَإِنَّهَا تَكُونُ حُرَّةً لِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الزَّوْجَةِ
(ص) وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْأَبَوَانِ وَإِنْ عَلَوَا وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا مِنْ جِهَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمُسْتَثْنَى إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُسْتَثْنَى مَفْهُومُ الشَّرْطِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ الَّذِي هُوَ الرَّسُولَانِ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْطُوقُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فِي الْأُولَى إلَخْ) أَقُولُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يُجْعَلْ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ أَيْ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا وَيَعْتِقَانِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا) أَقُولُ الْحَاصِلُ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّفْوِيضِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا فَوَّضْت لَكُمَا عِتْقَ عَبْدِي وَفِي مَسْأَلَةِ الرِّسَالَةِ يَقُولُ لَهُمَا جَعَلْتُكُمَا رَسُولَيْنِ فِي عِتْقِ عَبْدِي فَظَهَرَ حِينَئِذٍ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الرِّسَالَةِ طَلَبُ الْإِيصَالِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهَا فَلِذَلِكَ لَا يَعْتِقَانِهِ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِمَا بِخِلَافِ صُورَةِ التَّفْوِيضِ فَفِيهِ تَحْصِيلُ الْمَقْصُودِ فِي كُلِّ حَالٍ وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ وَذَلِكَ إمَّا تَفْوِيضٌ أَوْ رِسَالَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ أَوْ يُصَرِّحَ بِعَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ أَوْ يَسْكُتَ فَفِي أَرْبَعٍ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ تَفْوِيضٌ أَوْ رِسَالَةٌ وَشَرَطَ عَدَمَ الِاسْتِقْلَالِ أَوْ سَكَتَ وَفِي صُورَتَيْنِ الِاسْتِقْلَالُ وَهُمَا إذَا شَرَطَ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالَ تَفْوِيضًا أَوْ رِسَالَةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالتَّفْوِيضِ أَنَّ التَّفْوِيضَ يُوقِعَانِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا وَفِي الرِّسَالَةِ لَا يُوقِعَانِهِ إلَّا بَعْدَ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عَيْنُ مَا بَيَّنَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا عِتْقُهُ فِيمَا إذَا كَانَا رَسُولَيْنِ إلَخْ أَقُولُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ وَزَادَ وَإِنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ أَنْ يُطَلِّقَا زَوْجَتَيْهِ الْجَوَابُ وَاحِدٌ اهـ. أَقُولُ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ تَفْهَمْ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِ أَنَّ كَوْنَهُمَا رَسُولَيْنِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ التَّفْوِيضِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ وَتَعْلَمُ صِحَّةَ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُمَا فِي حَالَةِ السُّكُوتِ فِي مَسْأَلَةِ الرِّسَالَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ لِوَجْهٍ مَا) أَيْ خِيفَةَ مَا يَحْدُثُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ (قَوْلُهُ {فَلَمَّا ذَاقَا} [الأعراف: ٢٢] إلَخْ) أَيْ أَنَّ اللَّهَ نَهَاهُمَا بِقَوْلِهِ {وَلا تَقْرَبَا} [الأعراف: ١٩] فَالْخِطَابُ مُتَعَلِّقٌ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ} [الأعراف: ٢٢] إلَخْ فَرَتَّبَ الْبُدُوَّ عَلَى مُخَالَفَةِ الِاثْنَيْنِ مَعًا لِكَوْنِهِمَا الْمُخَاطَبَيْنِ بِالنَّهْيِ فَكَذَلِكَ إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ لَا تَتَرَتَّبُ الْحُرِّيَّةُ إلَّا بِدُخُولِهِمَا مَعًا؛ لِكَوْنِهِمَا؛ الْمُخَاطَبَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَبْدُ سَوْأَةُ حَوَّاءَ إلَخْ) أَقُولُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الشَّامِلِ وَلَوْ دَخَلَتَا مُتَرَتِّبَتَيْنِ بِأَنْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَخَرَجَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ الْأُخْرَى وَمُقْتَضَى مَا لِأَبِي الْحَسَنِ أَنَّ دُخُولَهُمَا مُرَتَّبَتَيْنِ كَدُخُولِ إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَقُولُ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يُؤَيِّدُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ إلَّا أَنَّ الْجِيزِيَّ قَالَ لَكِنْ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ وَلِزَوْجَتَيْهِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا اهـ.
وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا الْمُؤَكِّدَةُ لِعَدَمِ الْمُؤَكَّدِ وَلَا الذَّاتُ؛ لِأَنَّ؛ الْمِلْكَ عَرْضٌ مِنْ الْأَعْرَاضِ وَمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لَا ذَاتٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ أَيْ الْمِلْكُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ) مُثَلَّثُ الْفَاءِ وَقَوْلُهُ وَأَخٌ عَطْفٌ عَلَى الْأَبَوَانِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ بَتٍّ فَيَخْرُجُ الْفَاسِدُ قَبْلَ فَوْتِهِ إذْ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِفَوْتِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَلَا يَعْتِقُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ أَوْ تَوَاضُعِ مَنْ تَتَوَاضَعُ (قَوْلُهُ لِبِنْتٍ) أَيْ الْوَلَدُ لِبِنْتٍ أَيْ وَأَوْلَى الْوَلَدُ لِذَكَرٍ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بِنْتَه وَوَلَدَهُ الذَّكَرَ مُبَاشَرَةً وَهَذَا عَلَى نُسْخَةِ اللَّامِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْكَافِ وَيُحْتَمَلُ التَّمْثِيلُ وَالتَّشْبِيهُ وَيَخُصُّ الْأَوَّلَ بِالذِّكْرِ (قَوْلُهُ وَأَخٌ وَأُخْتٌ) عِطْفٌ عَلَى الْأَبَوَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute