عَلَى مَوَانِعَ تَمْنَعُهُ مِنْهُ، وَهِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا خَمْسَةٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (ص) ، وَانْتَقَلَ لِسَيِّدٍ مُكَاتَبٌ عَجَزَ، وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ (ش) يَعْنِي إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ مِنْ رِقٍّ أَوْ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لَهُ إلَى مَنْ صَارَ إلَيْهِ فَيَنْتَقِلُ لِسَيِّدٍ مُكَاتَبٌ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ مَا كَانَ لَهُ مِنْ رَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ، وَلَا يَبْقَى لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَ عَجْزِهِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَيَنْتَقِلُ مَا كَانَ لِمَدِينٍ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ لَهُ ثُمَّ فَلَّسَ أَوْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ لِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِ الْمَدِينِ الْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ فَلَهُمْ الْأَخْذُ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لِلْمُفْلِسِ، وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ يُؤَدِّي عَنْهُ الثَّمَنَ، هَذَا مَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ أَوْ نَقْصٍ فَلِلْمُفْلِسِ أَوْ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثَّمَنَ لَازِمٌ لِلْمُفْلِسِ، وَاَلَّذِي ابْتَاعَ بِخِيَارٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ إلَّا بِمَشِيئَةِ الْغُرَمَاءِ فَلَمْ يَجِبْ أَنْ يُدْخِلُوا عَلَى الْوَرَثَةِ ضَرَرًا.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ وَلِغَرِيمٍ عَامِلُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَانْتَقَلَ خِيَارُ الْمَدِينِ لِغَرِيمٍ إلَخْ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى لِسَيِّدٍ مُكَاتَبٌ لِأَنَّ فَاعِلَ انْتَقَلَ الْمَذْكُورَ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ فَاعِلِ الْمُقَدَّرِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ إلَخْ انْتَهَى (ص) وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ (ش) يَعْنِي إذَا اتَّفَقَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى أَخْذٍ أَوْ رَدٍّ فَلَهُمْ، وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْوَارِثُ بِمَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ رَدِّ الْغُرَمَاءِ، وَانْظُرْ لَوْ اخْتَلَفَ الْغُرَمَاءُ فَرَدَّ بَعْضُهُمْ، وَأَجَازَ آخَرُونَ فَهَلْ يَكُونُونَ كَالْوَرَثَةِ، وَيَجْرِي فِيهِمْ مَا جَرَى فِيهِمْ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ اسْتِحْسَانٍ أَوْ تَكُونُ الْوَرَثَةُ أَحَقَّ بِنَصِيبِ الرَّادِّ دُونَ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ، وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ، وَفِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ رَدُّوا أَيْ الْغُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يُؤَدُّوا الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ انْتَهَى، وَيُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَى رَدِّهِمْ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ (ص) وَلِوَارِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ غَرِيمٌ لَمْ يَحُطَّ دَيْنَهُ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَرِيمٌ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِ الْمَيِّتِ فَهُوَ مَا قَبْلَهُ ثُمَّ إنْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ أَوْ اخْتَلَفُوا وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِالتَّبْعِيضِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ، وَأَبَى مَنْ أَخَذَ نَصِيبَ الرَّادِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
فَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَالْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ؛ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ (ش) أَيْ، وَالْقِيَاسُ عِنْدَ أَشْهَبَ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ فَيُكَلَّفُ مَرِيدُ الْإِمْضَاءِ الرَّدَّ مَعَ مَرِيدِهِ لِأَنَّ نَصِيبَ الرَّادِّ عَادَ لِمِلْكِ الْبَائِعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ إلَّا مِمَّنْ أَحَبَّ
ــ
[حاشية العدوي]
فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَمَا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ لِأَنَّ بِمُضِيِّهِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُشْتَرٍ أَنَّ الْبَائِعَ لَهُ بَيْعُهَا وَهِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ زَمَنُهُ، وَيَكُونُ رَدًّا لَا بَعْدَهُ قَائِمًا لَهُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِلُزُومِ الْبَيْعِ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ.
وَهَاتَانِ صُورَتَانِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَبَاعَ الْبَائِعُ زَمَنَهُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ مَعَ الْقِيَامِ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ الْفَوَاتِ فَإِنْ بَاعَ الْبَائِعُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَهِيَ بِيَدِهِ أَيْ الْبَائِعِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَدْ نَقَدَهُ لِلْبَائِعِ.
[بَاعَ أَوْ اشْتَرَى مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ]
(قَوْلُهُ وَهِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا خَمْسَةٌ) أَيْ الَّتِي هِيَ الرِّقُّ وَالْفَلَسُ وَالْمَوْتُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَمُفَادُهُ أَنَّ فِيهَا كَلَامًا آخَرَ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ) بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ (قَوْلُهُ أَحَاطَ دَيْنُهُ) بِالْمُفْلِسِ، وَفَلَّسَ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَأَوْلَى الْأَخَصُّ، وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعُ حَجْرٍ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْقِنُّ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَهُ، وَأَمْضَى السَّيِّدُ ذَلِكَ فَالْخِيَارُ لِلْعَبْدِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَدْ أَمْضَى الْعَقْدَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ قَدْ أَمْضَى ذَلِكَ فَيَكُونُ الْخِيَارُ لَهُ (قَوْلُهُ لِغَرِيمٍ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لِلْمَدِينِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ، وَإِنْ كَانَ أَرْجَحَ بِخِلَافِ هِبَةِ الثَّوَابِ فَيُجْبَرُ عَلَى الثَّوَابِ إذَا كَانَ أَرْجَحَ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْأَخْذُ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي عَنْهُ الثَّمَنَ) أَيْ فِي بَيْعِ الْبَتِّ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا كَانَ) أَيْ حُكْمُ هَذَا مَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجِبْ) أَيْ يَثْبُتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فَاعِلَ انْتَقَلَ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِلْخِيَارِ مِنْ حَيْثُ هُوَ، وَيُصْرَفُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ لِمَا يَلِيقُ بِهَا فَيُقَالُ انْتَقَلَ الْخِيَارُ الْمُطْلَقُ أَيْ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي خِيَارِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ، وَانْتَقَلَ الْخِيَارُ الْمُطْلَقُ مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ فِي خِيَارِ مَنْ أُحِيطَ بِمَالِهِ لِغَرِيمٍ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا مَاتَ شَخْصٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، وَعِنْدَهُ تَرِكَةٌ، وَأَرَادَتْ الْغُرَمَاءُ أَخْذَ تِلْكَ الْأَعْيَانِ، وَأَرَادَتْ الْوَرَثَةُ دَفْعَ الثَّمَنِ لِلْغُرَمَاءِ وَيَأْخُذُونَ الْأَعْيَانَ فَإِنَّ الْكَلَامَ لِلْغُرَمَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهَا، وَالْمُرَادُ بِاَلَّذِي لَهُ أَيْ بِاَلَّذِي يَمْلِكُهُ لَا الَّذِي لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا اتَّفَقَتْ الْغُرَمَاءُ إلَخْ) أَيْ الَّذِينَ أَحَاطَ دَيْنُهُمْ بِمَالِ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ وَأَبَى مِنْ أَخْذِ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَوْ يَدُلُّ أَنَّ الْقِيَاسَ مُتَصَوَّرٌ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ دُونَ إجَازَةِ الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ إمَّا أَنْ يُجْبَرُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْإِجَازَةِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِجَمِيعِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يُجْبَرُوا عَلَى رَدِّ الْمَبِيعِ جَمِيعِهِ لِلْبَائِعِ، وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَوَّاقِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالِاسْتِحْسَانُ ضَعِيفٌ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute