حُكْمُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ حُكْمَ مَنْ حَدَثَ مِنْ الْأَوْلَادِ بَعْدَ يَمِينِهِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ صِيغَةِ الْحِنْثِ وَصِيغَةِ الْبِرِّ وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْتِقُونَ وَلَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ إلَّا بِالِانْتِزَاعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ مَمْلُوكٌ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ
(ص) وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يَقْضِ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَلَّقًا كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنَّهُ إذَا حَنِثَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّقٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ عِدَّةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ مِنْ عَمَلِ الْبِرِّ يُؤْمَرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ إلَّا أَنْ يَبِتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ فُلَانٍ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ
(ص) وَهُوَ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ وَمُنِعَ مِنْ وَطْءٍ وَبَيْعٍ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَعِتْقُ عُضْوٍ وَتَمْلِيكُهُ لِلْعَبْدِ وَجَوَابُهُ كَالطَّلَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعِتْقَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِي الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ أَيْ فَيَلْزَمُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَإِذَا قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا أَوْ أَمَةً مِنْ الْبَرَابِرَةِ أَوْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَهُ وَإِذَا قَالَ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ إذَا مَلَكَ شَيْئًا مِنْ الرَّقِيقِ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَّمَ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ وَمِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَبَيْعِهَا فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَتَقَ الرَّقِيقُ مِنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ وَلَا مِنْ بَيْعِ الْأَمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَمَّا صِيغَةُ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةُ بِأَجَلٍ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا مَثَلًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَيَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَيُضَادُّهُ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَلَا يُضَادُّهُ فَقَوْلُهُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ أَيْ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي لَمْ تَنْقَلِبْ بِرًّا حَتَّى يُسَاوِيَ قَوْلَهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ عُضْوًا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ الْأَمَةِ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كَطَلَاقِ عُضْوٍ مِنْ الزَّوْجَةِ
فَإِذَا قَالَ يَدُك حُرَّةٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ بِالْحُكْمِ لَكِنْ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عِتْقُ الْبَاقِي إلَى حُكْمٍ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْمَذْهَبُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَالتَّشْبِيهُ بِالطَّلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ وَقَوْلُهُ وَعِتْقُ عُضْوٍ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا فَيَشْمَلُ الشَّعْرَ وَالْجَمَالَ وَالْكَلَامَ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا مَلَكَ الْعِتْقَ لِلْعَبْدِ فِي جَوَابِ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ كَتَمْلِيكِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ أَعْتَقْت نَفْسِي فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ اخْتَرْت نَفْسِي فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إذَا قَالَ نَوَيْت بِهِ الْعِتْقَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
لَكِنْ الْعُرْفُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرْعِ يُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ قَبْلَ عَجْزِهِ فَإِنْ عَجَزَ دَخَلَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ إلَخْ) وَمِثْلُ أَبَدًا مَا إذَا أَتَى بِقَوْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ تَرَكَ لَفْظَ أَبَدًا وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ حَالَ الْيَمِينِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَهُ سَوَاءٌ عَلَّقَهُ أَمْ لَا
[الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ]
(قَوْلُهُ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ) أَيْ بَتِّ عِتْقِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّذْرِ وَيَصِحُّ اتِّصَالُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَلَمْ يَقْضِ إلَخْ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى وَلَمْ يَقْضِ فِي النَّذْرِ إلَّا إلَخْ حَتَّى يَلْزَمَ الِانْقِطَاعُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ بَتٍّ مُضَافٌ لِمُعَيَّنٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَأَيْضًا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ عِدَّةً) أَيْ كَالْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ هُنَا وَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّ يَبِتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ الْمُعَيَّنِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ سَعِيدٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي هَذَا حُرٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهِدْت أَيْ أَوْ يُنْكِرَ وَتَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ إلَخْ أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَتِّ مَا يَشْمَلُ التَّعْلِيقَ كَإِنْ دَخَلَ نَاصِحٌ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ (تَنْبِيهٌ) : أَفْهَمَ قَوْلَهُ بَتٍّ مُعَيَّنٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَتٌّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا مَلَكَ شَيْئًا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ تَجَدَّدَ لَا فِيمَنْ كَانَ مَمْلُوكًا بِالْفِعْلِ مُعَلَّقًا أَوْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُعَلَّقًا لَهُ عَلَى شَيْءٍ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا أَوْ غَيْرِ مُعَلَّقٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُهُ حَالَ حَلِفِهِ فَقَطْ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ وَهُوَ يُخَالِفُ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلَّقَهُ أَمْ لَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا إذَا قَيَّدَ بِأَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَسْتَوِي الْبَابَانِ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَفْعَلْ عَتَقَ الرَّقِيقُ مِنْ ثُلُثِهِ) حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ مَاتَ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ صِيغَةُ حِنْثٍ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ حَتَّى يُسَاوِيَ قَوْلَهُ) أَيْ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ أَنَّهُ إذَا أَجَّلَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا أَيْ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ وَإِذَا كَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مَعَ التَّأْجِيلِ فَأَوْلَى لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مَعَ الطَّلَاقِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي مِنْ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ الْمُجْرِي لِلْعِتْقِ لِعَدَمِ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا مَلَكَ الْعِتْقَ لِلْعَبْدِ) أَيْ أَوْ الْأَمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute