وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ عَنْ قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ وَلَا الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَنْفُذُ وَلِغَرِيمِهِ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ يَرُدَّ بَعْضَهُ إنْ اُسْتُغْرِقَ بَعْضُ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَعِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ دِرْهَمًا مَثَلًا فَأَعْتَقَهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَهُ وَهُوَ مَا قَابَلَ الدَّيْنَ وَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي ذَلِكَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَمَحَلُّ رَدِّ الْغَرِيمِ لِعِتْقِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ أَوْ يَطُولُ زَمَانُ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَيَصِحُّ الْعِتْقُ وَالطُّولُ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَازَنَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ فَيُرَدَّانِ وَلَوْ طَالَ أَمْرُهُمَا لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ وَمَا لَمْ يُفِدْ الْمَدِينُ مَالًا قَدْرَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ وَلَوْ كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَمْضِي كَمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمِدْيَانِ وَبَاعَ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ رَدُّ إيقَافٍ وَكَذَا رَدُّ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ فَرَدُّ إبْطَالٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ إبْطَالٌ وَرَدَّ الزَّوْجِ تَبَرُّعَ زَوْجَتِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ قَالَ أَشْهَبُ إبْطَالٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا إبْطَالٌ وَلَا إيقَافٌ لِقَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا يَقْضِي عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ وَرَدُّ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِيقَافٌ وَإِنْ كَانَ لِلسَّفِيهِ فَإِبْطَالٌ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ
(ص) رَقِيقًا (ش) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولُ إعْتَاقٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ رَقِيقًا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَجَلٍ قَوْلُهُ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ الْعِتْقُ (حَقٌّ لَازِمٌ) لِمُرْتَهِنٍ أَوْ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ لِمَدِينٍ فَعِتْقُ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لَا يَصِحُّ بَلْ وَلَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَنَّهُ إذَا كَانَ بِلَا حَجْرٍ أَعَمُّ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ أَخْرَجَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ الْخَارِجَيْنِ بِقَوْلِهِ مُكَلَّفٌ وَأَخْرَجَ بِهِ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَلَمْ يَخْرُجَا بِقَوْلِهِ مُكَلَّفٌ فَتَبَيَّنَ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِغْنَاءِ بِلَا حَجْرٍ عَنْ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ كَالزَّوْجَةِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ أَيْ يَكُونُ الْمَدِينُ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ أَيْ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفَادَةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ إحَاطَةُ دَيْنٍ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ لَا يَلْزَمُ عِتْقُهُمَا مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفَادَةِ فَلِذَلِكَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ أَوْ يَرُدُّ بَعْضَهُ إنْ اسْتَغْرَقَ بَعْضَهُ) كَيْفَ هَذَا وَالْفَرْضُ أَنَّ الدَّيْنَ أَحَاطَ بِمَالِهِ وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِهِ فِي مَدِينٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَتَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِبَعْضِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيَ بَعْضه فَأَعْتَقَ جَمِيعَهُ فَلِغَرِيمِهِ بَعْضُهُ لِأَجْلِ بَيْعِهِ فِي دَيْنِهِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّمَا رُدَّ الْعِتْقُ فِيهِ لِعَدَمِ مَنْ يَشْتَرِي مُبَعَّضًا فَقَدْ وُجِدَ رَدُّ بَعْضِهِ مَعَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ) يَخْفَى أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَدَّ الْبَعْضَ وَلَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ فَرْضِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ثُمَّ عِنْدَ بَيْعِ الْجَمِيعِ هَلْ يُسْتَحَبُّ جَعْلُ بَاقِيهِ فِي عِتْقٍ أَوْ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ قَوْلَانِ فَالْمُنَاسِبُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا صَوَّرْنَا بِهِ قَبْلَ الْمُشَارِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَبَعْضٌ دَفَعَ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ قَائِلًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ أَيْ بِكُلِّهِ أَوْ بِبَعْضِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدُ وَبِهَذَا شَمِلَ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ أَوْ يَطُولُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ نُسْخَةُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَطُولَ أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ رَدَّ الْعِتْقِ وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ وَإِنْ عَلِمَ بِالْعِتْقِ فَإِنْ طَالَ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَا رَدَّ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) وَأَمَّا بَعْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ فَلَا يُرَدُّ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ أَيْ أَوْ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَأَمَّا هُوَ أَوْ هُمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ أَفَادَ مَالًا كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ قَالَ أَشْهَبُ إبْطَالٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ عِبَارَتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ تُفِيدُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ (قَوْلُهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَ إيقَافًا لَقُضِيَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ أَيْ فَلَيْسَ إبْطَالًا وَإِلَّا تَمَلَّكَتْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ) أَيْ وَيَجِبُ الْعِتْقُ فَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي إلَخْ أَيْ يَحْرُمُ تَمَلُّكُهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ أَيْ وَلَا يَجِبُ الْعِتْقُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي إلَخْ أَيْ يُكْرَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لِلسَّفِيهِ فَإِبْطَالٌ إلَخْ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ عِتْقَ السَّفِيهِ بَاطِلٌ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الرَّدِّ رَدَّ إبْطَالٍ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ
(قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِمُرْتَهِنٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا لَا إنْ كَانَ مَلِيئًا (قَوْلُهُ أَوْ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِهِ عَمْدًا وَكَذَا خَطَأً حَيْثُ حَلَفَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ رَاضِيًا بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ فَيُرَدُّ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَدِينٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِمُرْتَهِنٍ أَيْ مَدِينٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِ سَيِّدِ الْعَبْدِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا وَمَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مَنْ لَهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ عِتْقٌ قَوِيٌّ مِنْهُمْ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ وَقَوُوا وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يُعَلِّقْ إلَخْ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُقَاطِعُ فَإِنَّهُ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ لَازِمٌ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُمْ يَصِحُّ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَعْنَى حَقٌّ لَازِمٌ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ سَيِّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute