للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْقَبُولِ إنْ شَهِدَ بِالشُّرُوطِ وَحْدَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ بِهَا مَعَ أَصْلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهَا يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ وَصْفِ الْوَقْفِ وَتَبْيِينِ كَيْفِيَّتِهِ وَذَلِكَ مَسْمُوعٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ.

وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ التَّفَاصِيلُ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى أَرْبَابِهَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَدْرَسَةٍ تَعَذَّرَتْ شُرُوطُهَا صَرَفَهَا النَّاظِرُ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهَا أَهَمَّ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ. وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ ثُبُوتَ شَرْطٍ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ قَالَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ خِلَافَهُ وَلِلسُّبْكِيِّ إفْتَاءٌ طَوِيلٌ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ فِي الْحُدُودِ إلَى مَا فِي الْمُسْتَنَدَاتِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ كُتَّابَهَا لَا يَعْتَمِدُونَ فِيهَا غَالِبًا عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ صَرِيحَةٍ بِأَنَّ الْحَدَّ الْفُلَانِيَّ مِلْكٌ لِفُلَانٍ قَالَ: وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ بِأَنَّ مِلْكَ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَحِيَازَتَهَا لِفُلَانٍ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُدُودُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَإِنْ ذَكَرُوا الْحُدُودَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَذْكُرُونَهَا عَلَى سَبِيلِ الصِّفَةِ أَوْ التَّعْرِيفِ لَا غَيْرُ فَلَا بُدَّ أَنْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِهَا وَإِلَّا صُدِّقَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهَا بِيَمِينِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ مِنْ أَقَرَّ مَثَلًا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِكَذَا فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ بُنُوَّةُ فُلَانٍ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ قَصْدًا صَرِيحَةً وَأَطَالَ فِي هَذَا أَيْضًا وَلَمَّا ذَكَرْت ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْهُ بِطُولِهِ فِي الْفَتَاوَى اعْتَرَضْته بِأَنَّ الْمَنْقُولَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ ابْنُهُ التَّاجُ ثُبُوتُ الْبُنُوَّةِ ضِمْنًا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقِيَاسُهَا أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا أَقَرَّ بِهَا مَثَلًا فُلَانٌ كَانَ شَهَادَةً بِالْحُدُودِ ضِمْنًا وَبِالْإِقْرَارِ أَصْلًا وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِمَا فِي الْمُسْتَنَدَاتِ مِنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ إلَّا إنْ صَرَّحَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِهَا وَلَوْ ضِمْنًا كَمَا تَقَرَّرَ أَوْ يَشْمَلُهَا الْحُكْمُ كَأَنْ يَقُولَ: حَكَمْت بِجَمِيعِ مَا فِيهِ وَلَمَّا بَسَطْت ذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى قُلْت: نَعَمْ الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْبُنُوَّةِ وَالْحُدُودِ مَا مَرَّ إلَّا مِنْ شَاهِدٍ مَشْهُورٍ بِمَزِيدِ التَّحَرِّي وَالضَّبْطِ وَالْمَعْرِفَةِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْبُنُوَّةَ وَالْحُدُودَ إلَّا بَعْدَ أَنْ اسْتَنَدَ بِهِمَا إلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ يُجَوِّزُ لَهُ اعْتِمَادَهُ فِيهِمَا وَكَلَامُهُمْ فِي مَوَاضِعَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ وَمِمَّا يَثْبُتُ بِذَلِكَ أَيْضًا وِلَايَةُ قَاضٍ وَاسْتِحْقَاقُ زَكَاةٍ وَرَضَاعٍ وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَإِعْسَارٍ وَرُشْدٍ وَغَصْبٍ وَأَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِكَوْنِ الْمَالِ بِيَدِ زَيْدٍ بِالْمُشَاهَدَةِ دُونَ الِاسْتِفَاضَةِ وَاعْتُرِضُوا بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ تَكْفِي وَقَالَ الْهَرَوِيُّ إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ)

نَقَلَ فِي الْمُتَوَسِّطِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَسْأَلَةً وَقَالَ إنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَهِيَ أَنَّ جَمَاعَةً شَهِدُوا بِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ لِزَيْدٍ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُونُوا شَهِدُوا عَلَى الْوَاقِفِ أَيْ: لَمْ يُدْرِكُوهُ وَلَا قَالُوا إنَّ مُسْتَنَدَهُمْ الِاسْتِفَاضَةُ وَسُئِلُوا عَنْ مُسْتَنَدِهِمْ فَلَمْ يُبْدُوهُ بَلْ صَمَّمُوا عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِنَادِهِمْ إلَى الِاسْتِفَاضَةِ وَالشُّرُوطُ لَا تَثْبُتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ: وَأَيْضًا فَإِنَّ إهْمَالَ السَّبَبِ مُقْتَضَاهُ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ بِالْإِرْثِ اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ مِنْ قَوْلِي الْآتِي وَإِذَا أَطْلَقَ

ــ

[حاشية الشرواني]

لَا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَإِنْ شَهِدَ بِهَا مُفْرَدَةً لَمْ تَثْبُتْ بِهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ انْتَهَى وَهُوَ شَيْخُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَيْ: مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ اهـ بِحَذْفٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ إلَخْ) جَرَى عَلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا. (قَوْلُهُ: عَلَى أَرْبَابِهِ) أَيْ: مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَى مَدْرَسَةٍ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: شُرُوطُهَا) يَعْنِي شُرُوطَ الْوَقْفِ عَلَى الْمَدْرَسَةِ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ) إلَى قَوْلِهِ وَلِلسُّبْكِيِّ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلسُّبْكِيِّ إفْتَاءٌ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي التَّنْبِيهِ السَّابِقِ كَثِيرًا مَا يَعْتَمِدُ الشُّهُودُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَقَدْ تَسَاهَلَ جَهَلَةُ الشُّهُودِ إلَخْ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ قُلْتُ نَعَمْ إلَخْ وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: ذُكِرَتْ الْحُدُودُ فِيهَا أَصْلًا أَوْ ضِمْنًا. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْقَصْدِ وَالصَّرَاحَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الضِّمْنِ وَالتَّبَعِيَّةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَقَرَّ فُلَانٌ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا. (قَوْلُهُ: فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالشَّهَادَةِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: السُّبْكِيّ. (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْبُنُوَّةِ ضِمْنًا) تَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي اعْتِمَادُهُ. (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهَا) أَيْ: مَسْأَلَةِ الْبُنُوَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَشْهَدُ) الْأَخْصَرُ الْوَاضِحُ بِالشَّهَادَةِ بِهَا أَيْ: الْحُدُودِ. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ: نَحْوُ قَوْلِ الشَّاهِدِ إنْ شَهِدَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَقَرَّ بِكَذَا وَقَوْلُهُ: أَشْهَدُ أَنَّ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا أَقَرَّ بِهَا فُلَانٌ. (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَثْبُتُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِعْسَارٍ وَغَصْبٍ. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: الِاسْتِفَاضَةِ. (قَوْلُهُ: وَرَضَاعٍ) مَرَّ مَا يُنَافِيهِ فِي شَرْحِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلٍ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَغَصْبٍ مَرَّ مَا يُنَافِيهِ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: دُونَ الِاسْتِفَاضَةِ) . (تَتِمَّةٌ) لَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي قَدْرِهِ كَذَا عَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَ الْحِصَصِ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ وَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَوِيٌّ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُهُ كَمَا رَجَّحَ ثُبُوتَ الْوَقْفِ وَنَحْوَهُ بِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضُوا) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ

. (قَوْلُهُ نَقَلَ) أَيْ: الْأَذْرَعِيُّ صَاحِبُ التَّوَسُّطِ. (قَوْلُهُ: وَأَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ) أَيْ: عَنْ السُّؤَالِ عَنْ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَالشُّرُوطُ لَا تَثْبُتُ إلَخْ) إنْ كَانَ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ كَانَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ فَهُوَ مُنَافٍ لِمَا سَبَقَ عَنْهُ سَيِّدُ عُمَرُ وَتُدْفَعُ الْمُنَافَاةُ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الشَّهَادَةِ بِالشُّرُوطِ بِانْفِرَادِهَا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِهَا مَعَ أَصْلِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: ابْنُ الصَّلَاحِ. (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: فِي شَرْحِ وَقِيلَ يَكْفِي مِنْ عَدْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِهِ لِيُثْبِتَ النَّسَبَ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِكَوْنِ الْمَالِ بِيَدِ زَيْدٍ بِالْمُشَاهَدَةِ دُونَ الِاسْتِفَاضَةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِاسْتِفَاضَةٍ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي قَدْرِهِ كَذَا عَلَّلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>