(كِتَابُ اللِّعَانِ)
هُوَ لُغَةً مَصْدَرٌ أَوْ جَمْعُ لَعْنٍ الْإِبْعَادُ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ تَأْتِي جُعِلَتْ حُجَّةً لِمَنْ اُضْطُرَّ لِقَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ لِنَفْيِ وَلَدٍ عَنْهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إبْعَادِ الْكَاذِبِ مِنْهُمَا عَنْ الرَّحْمَةِ وَإِبْعَادِ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ وَجُعِلَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي مَعَ إنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ رُخْصَةً لِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَاهَا وَصِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَفْظَ الْغَضَبِ الْمَذْكُورِ مَعَهُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَدَّمُ فِيهَا كَالْوَاقِعِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَرِدُ لِعَانُهُ عَنْ لِعَانِهَا وَلَا عَكْسَ وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَوَائِلُ سُورَةِ النُّورِ مَعَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَلِكَوْنِهِ حُجَّةً ضَرُورِيَّةً لِدَفْعِ الْحَدِّ أَوْ لِنَفْيِ الْوَلَدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ تَوَقَّفَ عَلَى أَنَّهُ (يَسْبِقُهُ قَذْفٌ) بِمُعْجَمَةٍ أَوْ نَفْيُ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ بَعْدَ الْقَذْفِ وَهَذَا أَعْنِي الْقَذْفَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا تَعْيِيرًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لَا مَقْصُودٌ كَمَا تَقَرَّرَ ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ بِنَحْوِ ذَلِكَ (وَصَرِيحُهُ الزِّنَا كَقَوْلِهِ) فِي مَعْرَضِ
ــ
[حاشية الشرواني]
بَعْضَ مُدٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَيَبْقَى الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَلَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا عَنْ إحْدَاهُمَا وَصَامَ عَنْ الْأُخْرَى إنْ قَدَرَ وَإِلَّا أَطْعَمَ اهـ.
[كِتَابُ اللِّعَانِ]
(قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ الْإِبْعَادِ) بِالْجَرِّ بَدَلًا مِنْ لَعْنٍ أَوْ بِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ اللَّعْنُ الْإِبْعَادُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَعْنٍ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ انْتَهَتْ اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ هَذَا إنَّمَا يَتَعَيَّنُ لَوْ ثَبَتَ ضَبْطُ الشَّارِحِ لَفْظَ مَصْدَرٌ بِضَمَّةٍ وَعَطَفَ مَا بَعْدَهُ بِأَوْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ رَفْعُ الْإِبْعَادِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ هُوَ فَيَكُونُ جَمْعَ لَعْنٍ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ عَلَى مَصْدَرَ الْمَنْصُوبَ عَلَى الْحَالِيَّةِ كَنَظَائِرِهِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَخْ أَيْ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ قَوْلُهُ مَصْدَرُ لَاعَنَ أَيْ مَدْلُولُهُ وَهُوَ التَّكَلُّمُ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ اسْمٌ لِلَّفْظِ وَلَيْسَ مَعْنًى لُغَوِيًّا اهـ. (قَوْلُهُ وَشَرْعًا) إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّرْجَمَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَجُعِلَتْ إلَى وَلَمْ يَخْتَرْ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ. (قَوْلُهُ كَلِمَاتٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَصْدَرِ وَلِقَوْلِهِ الْآتِي فَصْلُ اللِّعَانِ قَوْلُهُ إلَخْ قَوْلُ كَلِمَاتٍ إلَخْ اهـ سم. (قَوْلُهُ جُعِلَتْ إلَخْ) نَعْتٌ ثَانٍ لِكَلِمَاتٍ. (قَوْلُهُ حُجَّةً لِمَنْ اضْطَرَّ إلَخْ) بِمَعْنَى سَبَبًا دَافِعًا لِلْحَدِّ عَنْ الْمُضْطَرِّ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ لِمَنْ اُضْطُرَّ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ الِاضْطِرَارُ إلَى تِلْكَ الْأَيْمَانِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ اهـ حَلَبِيٌّ. (قَوْلُهُ لِقَذْفٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مُضْطَرًّا لِلْقَذْفِ وَإِنَّمَا هُوَ مُضْطَرٌّ لِدَفْعِ الْحَدِّ عَنْهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ كَلَامَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ أَيْ لِدَفْعِ مُوجِبِ الْقَذْفِ وَهُوَ الْحَدُّ وَقَوْلُهُ مِنْ أَيِّ زَوْجَةٍ لَطَّخَ أَيْ تِلْكَ الزَّوْجَةَ وَذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَقَوْلُهُ فِرَاشَهُ أَيْ الْمُضْطَرِّ وَفِرَاشُهُ هُوَ الزَّوْجَةُ وَقَوْلُهُ وَأَلْحَقَ إلَخْ مِنْ عَطْفِ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ وَقِيلَ تَفْسِيرٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ سُمِّيَتْ) أَيْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ بِذَلِكَ أَيْ بِلَفْظِ اللِّعَانِ. (قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إبْعَادٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِقَوْلِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ وَإِطْلَاقُهُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَجَازِ التَّغْلِيبِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِبْعَادُ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ) إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ وَصِيَانَةً إلَخْ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَرْ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ يَعْنِي اخْتَارَ الْأَصْحَابُ لِلتَّرْجَمَةِ لَفْظَ اللِّعَانِ دُونَ لَفْظِ الْغَضَبِ وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي الْآيَةِ. (قَوْلُهُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ لَفْظِ اللِّعَانِ بِاعْتِبَارِ الْمَادَّةِ. (قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى فِي اللِّعَانِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى لِعَانِهَا فِي الْآيَةِ وَالْوَاقِعُ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي لِكَوْنِ اللَّعْنَةِ مُتَقَدِّمَةً فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالْوَاقِعِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوَائِلُ سُورَةِ النُّورِ) وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالُ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ نَبِيًّا إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبْرِئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ» فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ وَلِكَوْنِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْآتِي تَوَقَّفَ إلَخْ وَدُخُولٌ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ فِي التَّعْرِيفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعَالَى إلَخْ) فِيهِ تَوَارُدُ عِلَّتَيْنِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِدُونِ عَطْفٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْأَوَّلُ عِلَّةً خَارِجِيَّةً وَالثَّانِي عِلَّةً ذِهْنِيَّةً وَاسْتَغْنَى الْمُغْنِي عَنْ هَذَا التَّكَلُّفِ بِعَطْفِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ وَقَدْ أَسْقَطَهُ الْمُغْنِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ تَعْيِيرًا) يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِهِ وَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْقَذْفِ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الزِّنَا دُونَ أَرْبَعٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا التَّعْبِيرَ خُصُوصًا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ فَأَعْرَض مَعَ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ الْقَذْفَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلَعَّانِ الْمَقْصُودِ بِالْبَابِ اهـ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ وَصَرِيحُهُ الزِّنَا إلَخْ) وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ ثَلَاثَةٌ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ وَتَعْرِيضٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ وَصَرِيحُهُ إلَخْ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ فِي مَعْرَضِ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(كِتَابُ اللِّعَانِ) (قَوْلُهُ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُنَاسِبُ لِلْمَصْدَرِ قَوْلُ كَلِمَاتٍ إلَخْ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي فَصْلُ اللِّعَانِ قَوْلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَرْ) أَيْ فِي التَّرْجَمَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلِّعَانِ الْمَقْصُودِ بِالْبَابِ. (قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute