للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثلاث مرات. ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا.

ــ

النيل (ج ٤: ص ٢٨٧) : حديث جابر هذا أخرجه أيضًا البيهقي وقال: تفرد به إبراهيم بن أبي يحيى، وفي حديث جابر الطويل الذي أخرجه مسلم ما يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب ثم أذن بلال، ليس فيه ذكر أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية وهو أصح، ويترجح بأمر معقول هو أن المؤذن قد أمر بالإنصات للخطبة، فكيف يؤذن ولا يستمع الخطبة. قال المحب الطبري: وذكر الملا في سيرته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من خطبته أذن بلال وسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ بلال من الأذان تكلم بكلمات ثم أناخ راحلته وأقام بلال الصلاة، وهذا أولى مما ذكره الشافعي، إذ لا يفوت به سماع الخطبة من المؤذن – انتهى كلام الشوكاني. وقال الطبري بعد ذكر رواية الملا من سيرته ما لفظه: وهذا وإن كان قريبًا مما ذهب إليه الشافعي إلا أنه ليس فيه أن الخطبة تكون مع الأذان، ثم إن تلك الكلمات لم يقل إنها كانت خطبة – انتهى. (ثم أذن بلال) لم يقع لفظ بلال في مسلم وإنما هو عند الدارمي وابن ماجة وابن الجارود والبيهقي، وزاد الدارمي ((بنداء واحد)) (ثم أقام فصلى العصر) أي جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر، وهذا الجمع كجمع المزدلفة جمع نسك عند الحنفية وبعض أصحاب الشافعي، وجمع سفر عند الشافعي وأكثر أصحابه، فمن كان حاضرًا أو مسافرًا دون مرحلتين كأهل مكة لم يجز له الجمع عند الشافعي كما لا يجوز له القصر. والحديث يدل على أن الجمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين، واختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال، الأول: أداؤهما بأذان واحد وإقامتين لحديث جابر هذا، وإليه ذهب أبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور وأحمد في رواية ومالك في رواية، وبه قال ابن القاسم وابن الماجشون وابن المواز من المالكية. والقول الثاني: بإقامتين من غير أذان، وروي ذلك عن ابن عمر. قال ابن قدامة في شرح قول الخرقي ((وإن أذن فلا بأس)) كأنه ذهب إلى أنه مخير بين أن يؤذن للأولى أو لا يؤذن. وكذا قال أحمد، لأن كلاً مروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأذان أولى، وهو قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي – انتهى. والقول الثالث: بأذانين وإقامتين وهو الأشهر من مذهب مالك كما في الجلاب، وهو المذكور في المدونة، وروي ذلك عن ابن مسعود. قال ابن قدامة: وإتباع ما جاء في السنة أولى. واعلم أنه اشترط الحنفية للجمع بين الظهر والعصر بعرفة الجماعة فيهما والإمام الأعظم أو نائبه، بخلاف الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، فلم يشترطوا له الإمام ونائبه ولا الجماعة، وإليه ذهب الثوري والنخعي، ولا يشترط الإمام ولا الجماعة عند مالك والشافعي وأحمد وهو الراجح عندنا (ولم يصل بينهما شيئًا) أي من السنن والنوافل، وذلك للاستعجال بالوقوف. قال الطبري: قوله ((ثم أذن ثم أقام)) قال ابن المنذر: عرف جابر أن وقت الأذان في يوم عرفة عند فراغ الإمام من خطبته. وقال الشافعي: يخطب الخطبة الثانية مع استفتاح المؤذن بالأذان ويفرغ من فراغه، ويستدل بحديث رواه عن جابر فذكر الحديث الذي قدمناه. قال الطبري: وهذا يغاير حديث مسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>